close
Login Form
Lawyer/Affiliate Sign Up
head

Article Content:

المادة 512 من قانون أصول المحاكمات المدنية

law.doc

الفقرة الثانية - شطب اشارة الدعوى والحجز

53. لقد تبين من الواقع العملي ان هناك اشارات دعاوى وحجوزات مسجلة على الصحائف العينية منذ زمن طويل ولأجل شطبها، كان أصحاب العلاقة يصطدمون بصعوبات مثل فقدان الملف أو عدم معرفة هوية المدعين أو الحاجزين واضعي الاشارة أو روثتهم، فتجمد بالتالي العقارات نتيجة الاشارات المذكورة. وبالفعل ان ترك المحاكمة طيلة المدة المبررة لاعلان سقوطها بقرار رجائي نافذ على أصله لا يمكن التحقق منه الا من خلال ملف المحاكمة ومحضر الجلسات الموجود ضمنه. فاذا لم يعثر على الملف ومحتوياته، كيف يعلن اسقاط المحاكمة (54)؟

كان على اصحاب العلاقة، في مثل هذه الحالة، أن يطلبوا اعادة تكوين الملف مع ما في ذلك من صعوبات ناجمة عن فقدان الأوراق من جهة ومن جهة  أخرى عن صعوبة معرفة الأشخاص واضعي الاشارات أو ورثتهم، ولم يكن من السهولة الاستحصال على قرار باعادة تكوين الملف من المحكمة طالما انه لا يوجد اية صورة عن محضر المحاكمة وباقي أوراق الدعوى. من هنا، كان نص المادة 512 المتضمن جواز اعلان سقوط المحاكمة بقرار رجائي نافذ على اصله وبدون دعوة الخصوم، عاجزا ً عن حل تلك المشكلة (55)، لذلك تدخل المشترع معدلا ً نص المادة 512 مضيفا ً الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة ليوجد حلا ً لتلك المشكلة ومحافظا ً على حقوق المدعى عليه لما للاشارة الموضوعة على صحيفة عقاراته من آثار سلبية على مصالحه.

54. لقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 512 موضوع البحث على أن "كل اشارة دعوى أو حجز... تشطب بعد مرور عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار اذا لم يعمد صاحب المصلحة الى تجديد القيد باستدعاء معفى من الرسوم يقدم الى المحكمة العالقة لديها الدعوى أو الى رئيس دائرة التنفيذ المختص."

لا تدخل في حساب مهلة العشر سنوات المهلة المعلقة بموجب القانون رقم 50 / 90 تاريخ 23 / 5 / 1991 وفق ما جاء في الفقرة الخامسة من المادة 512 موضوع البحث.

يتبين من ذلك ان الفقرة الثالثة قضت بتوفر شرطين لشطب اشارة الدعوى أو الحجز، الاول متعلق بالمهلة والثاني متعلق بعدم تجديد القيد.

ولكن التناقض الواضح بين الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 512 موضوع البحث حمل القضاء اللبناني على لعب دور بارز في تفسير الفقرتين المذكورتين بهدف توضيح الاحكام المنصوص عليها في الفقرة الثالثة وجعلها متجانسة مع ما جاء في الفقرة الرابعة المشار اليها.

55. فيما يتعلق بالمهلة، لا تشطب اشارة الدعوى أو الحجز الا بعد مرور عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار. فاذا انقضت تسع سنوات على وضع اشارة الدعوى أو الحجز على الصحيفة العينية لعقار ما لا يمكن شطبها.

56. تجدر الاشارة الى أن الفقرة الخامسة من المادة 512 نصت على ان مهلة العشر سنوات لا تدخل في حسابها المهلة المعلقة بالقانون 50 /91 تاريخ 23 /5 /1991. تطبيقا ً لذلك أعطي المثال التالي: أن الاشارة الموضوعة على صحيفة العقار في العام 1986، يمكن طلب شطبها عند العمل بالقانون اذا ما توافرت شروط الشطب ولا يؤخذ بعين الاعتبار تعليق المهل حتى 23 /  5/ 1991 في هذه الحالة (56).

57. لقد قضي في هذا المجال "بأن المهل المعلقة بموجب القانون رقم 50 /91 تاريخ 23 /5/ 1991 لا تدخل في حساب المهلة الحالية المنصوص عليها في المادة 512 اصول مدنية ولا مجال لتطبيق المادة المذكورة على الدعوى الحالية "(57).

58. وقضي كذلك ان المشترع "اذا استعمل كلمة "لا " فانه قصد عدم ادخال المهلة عينها في القانون 50/91 في حساب مهلة العشر سنوات لشطب اشارة الدعوى، وذلك من قبيل التأكيد على تطبيق ذلك القانون وليس استبعاده، ولأن مهلة القانون المذكور رقم 50/91 لا تتعلق فقط بمهلة مرور الزمن وانما بكافة المهل الملحوظة فيه من حيث المبدأ ومن حيث الاستثناءات "(58). وقد اعتبر البعض ان مهلة العشر سنوات تبدأ منذ انتهاء مفعول القانون رقم 50/91 تاريخ 23 / 5/ 1991 الذي علق المهل نتيجة الحداث اللبنانية في 23 /5/ 1991 (59).

59. فيما يتعلق بعدم تجديد القيد، ان اقدام صاحب المصلحة على طلب تجديد قيد اشارة الدعوى أو الحجز يحول دون شطبها من قبل المرجع المختص. كذلك ان طلب تجديد الملف أو اعادة تكوينه يمنع الشطب على انه يبقى للمدعى عليه ان يطلب، اما اسقاط المحاكمة واما اسقاط الحق لمرور الزمن في حال توافرت شروطهما (60).

60. هذا التجديد يمكن أن يحصل خلال المهلة المحددة أو عند انقضائها وحتى بعد انقضائها اذا لم يعمد صاحب المصلحة الى طلب شطبها وفقا ً للفقرة الثالثة من المادة 512 انقضائها اذا لم يعمد صاحب المصلحة الى طلب شطبها وفقا ً للفقرة الثالثة من المادة 512 وعندها تبدأ مهلة جديدة يمكن بانقضائها وعند عدم تجديد القيد الى شطب الاشارة.

61. لقد حددت الفقرة الثالثة من المادة 512 اجراءات تجديد الاشارة ونصت على أن التجديد يحصل باستدعاء معفى من الرسوم ويتم ذلك بدون دعوة او تبليغ الخصم. يقدم الاستدعاء من قبل صاحب المصلحة الى المحكمة العالقة لديها الدعوى أو الى رئيس دائرة التنفيذ المختص.

62. في الدعاوى العقارية، كانت الفقرة الاولى من المادة 47 من القرار رقم 188 تاريخ 15 /3 1926 تنص على أنه"... لا تسمع اية دعوى بحق عقار غير مسجل قبل تسجيله في السجل العقاري اذا كان العقار مسجلا ً فلا تسمع الدعوى ما لم تسجل أولا ً في السجل العقاري".

وعليه، لقد حظرت المادة 47 المذكورة سماع اية دعوى تتعلق بعقار مسجل في السجل العقاري ما لم تدون اشارتها أولا ً في السجل المذكور، ومن البديهي القول أن أحكام المادة المذكورة تطبق متى كان النزاع واقعا ً على حق عيني (61).

ان المسالة التي تطرح هنا تتعلق بتأثير شطب اشارة الدعوى أو الحجز على مصير الدعوى العقارية: هل تتابع المحكمة النظر في هذه الدعوى بعد شطب اشارتها عن الصحيفة العينية للعقار موضوعها ؟

لقد اعتبرت محكمة التمييز في قرار صادر عنها بتاريخ 25 /5/ 1993 أنه ليس للمحكمة ان تتثبت من صحة الدعوى وصوابيتها قبل وضع اشارتها على صحائف العقارات اذ لو صح ذلك لانتفت الغاية والمصلحة من وضع الاشارة الذي يشكل تدبير احتياطي فرضه المشترع لحماية حقوق المدعين في حال قيام نزاع على حق من الحقوق المترتبة على هذه العقارات واقتران الدعوى بحكم معارض لقيود السجل العقاري (62).

كذلك اعتبرت في قرار صادر عنها بتاريخ 20 /10 /1994 أن المادة 47 المشار اليها لا تعتبر قيد الدعوى العينية تدبيرا ً متروكا ً لخيار المدعي بل اجراء جوهريا ً مشروطا ً لقبول الدعوى (63).

وفي قرار آخر اعتبرت "أنه بحسب أحكام المادة 47 من المرسوم الاشتراعي رقم 188 قبل تعديلها بالقانون رقم 76/99 كان يجب تسجيل اشارة الدعوى في الدعوى العينية العقارية على صحيفة العقار موضوع النزاع لكي تسمع هذه الدعوى. وكان هذا التسجيل شرطا ً من شروط سماع هذه الدعوى وعنصرا ً من عناصرها وركنا ً من أركانها ... "(64).

وقد اعتبرت محكمة التمييز بقرار صادر عنها بتاريخ 9 /12/ 2004 بأن القانون رقم 76/99 قد عدل المادة 47 من القرار رقم 188 بحيث لم يعد تسجيل اشارة الدعوى العينية على صحيفة العقار موضوعها شرطا ً لسماعها وان هذا التعديل هو جوهري في شروط سماع الدعوى العينية العقارية وبمعزل عما اذا كانت الاشارة قد وضعت او شطبت بموجب قرار رجائي أو نزاعي (65).

ولكن السؤال يطرح عن مصير الدعوى عند شطب اشارتها بعد تقديمها عملا ً بأحكام المادة 512 فقرة 3 و 4 اصول محاكمات مدنية، هل تتابع المحكمة السير بها أم تردها لفقدانها شرطا ً من شروطها الجوهرية ؟

نعتقد أن الجواب على هذه المسألة مرتبط بالتفسير الذي أعطاه القضاء اللبناني لنص المادة 512 وخلاصته أنه لا تشطب اشارة الدعوى الا في حالة فقدان ملف الدعوى مع مراعاة شرطي المهلة وعدم طلب تكوين الملف قبل شطب الدعوى، فشطب اشارة الدعوى العينية لا يمكن تصوره الا في حالة فقدان الملف ولا عبرة لمعرفة مصير الدعوى في هذه الحالة.

ان هذه المسألة لا تطرح حاليا ً في ظل التعديل الحاصل لبعض النصوص القانونية المتعلقة بتكوين اشارات القيود الاحتياطية واشارات الدعاوى العينية العقارية في السجل العقاري بمقتضى القانون رقم 76 الصادر في 3/4/1999. بالفعل، لقد نصت المادة 3 من هذا القانون في فقرتها الأخيرة أنه خلافا ً لنص المادة 47 من القرار 188 الصادر بتاريخ 15/3/1926 لا يحول شطب الاشارة دون متابعة النظر بالدعوى . فبمقتضى هذا النص الصريح ان شطب اشارة الدعوى لا يمنع المحكمة من متابعة النظر بالدعوى واصدار حكم فيها.

لقد اعتبرت محكمة التمييز في قرار صادر عنها "أن القانون رقم 76/99 لم يلغ في المادة الثالثة منه فقرتها الأخيرة نص المادة 47 من القرار 188 بل اقتصر على تحديد مفعول شطب الاشارة بعد اقامة الدعوى على استمراريتها ومتابعة النظر فيها اذ نص على أن شطب اشارة الدعوى - والتي من المفروض ان تكون قد وضعت اصلا ً عند اقامتها كشرط من شروط سماعها - لا يحول دون متابعة النظر فيها وذلك خلافا ً لما كان عليه الوضع سابقا ً حيث كانت اشارة الدعوى تبقى ملازمة لاستمراريتها ولا تشطب الا بموجب الحكم النهائي الفاصل في اساس النزاع "(66).

63. يتبين لدى قراءة الفقرة الثالثة من المادة 512 موضوع البحث من جهة أولى، أنها كرست مبدأ عاما ً شاملا ً يربط شطب اشارة الدعوى او الحجز بتوافر شرطي المهلة وعدم تجديد القيد، فاذا ما تحققا وجب على المحكمة شطب الاشارة المشار اليها دون توجب اي شرط آخر.

64. من جهة أخرى، لقد ربطت الفقرة الرابعة من المادة 512 شطب الاشارة بحالة فقدان الملف. وعليه، لا تشطب اشارة الدعوى أو الحجز الا في حالة فقدان الملف.

65. هذا الشرط الاخير اعاد أحياء مشكلة حاول المشترع ايجاد حل لها ومتعلقة بتجديد القيد في حالة فقدان الملف والصعوبات الناتجة عن تكوين الملف وتجديد القيد. وعليه،تدخل القضاء اللبناني محاولا ً توضيح المبدأ المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 512 في ضوء ما ورد في الفقرة الرابعة المشار اليها، وجاعلا ً تطبيقه متجانسا ً مع الغاية التي وضع من أجلها.

66. لقد عمد القضاء اللبناني في قرارات عديدة الى تفسير المبدا المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 512 و ذلك عبر ربط الفقرتين الثالثة والرابعة من هذه المادة. بالفعل، لقد تم ربط شرطي المهلة وعدم تجديد القيد من جهة وحالة فقدان الملف من جهة أخرى (67).

67. لقد قضي انه "حيث من الثابت من أوراق الملف ان اشارة دعوى القسمة الجبرية المطلوب شطبها قد وضعت على صحيفة عقار الجهة المستدعية بتاريخ 4/1/1941، أي يكون قد انقضى اكثر من عشر سنوات على قيدها ولم يعمد صاحب المصلحة الى تجديد هذا القيد.

وحيث يتبين من الافادة الصادرة عن قلم هذه المحكمة، انه لم يعثر في سجلات الأعوام 1940 و1941 و 1942و 1943 على قيود الدعوى المطلوب شطب اشارتها عن صحيفة عقار الجهة المستدعية المكونة بين ....و ...

وحيث كذلك فقد تم نشر خلاصة الاستدعاء الراهن في الجريدة الرسمية بتاريخ... وفي جريدتي... و... وقد انقضى اكثر من عشرين يوما ً على تاريخ آخر نشر دون أن يرد الى ملف الدعوى اي اعتراض.

وحيث بالتالي تكون كافة شروط الفقرتين 3 و4 من المادة 512 اصول مدنية متحقة في اطار الدعوى الراهنة، مما يقتضي معه اجابة طلب الجهة المستدعية لاستيفائه كافة شروطه القانونية "(68).

68. كذلك قضي "أن الفقرة الثالثة من المادة 512 اصول محاكمات مدنية مرتبطة بالفقرة الرابعة منها، بحيث تطبق أحكام الفقرتين الثالثة والرابعة معا ً خاصة وان الفقرة الثالثة نصت على شطب الاشارات في حين ان الفقرة الرابعة حددت اجراءات هذا الشطب.

وحيث يقتضي بالتالي بحث مطالب الجهة المستدعية على ضوء الفقرتين 3 و 4 من المادة 512 أصول محاكمات مدنية.

وحيث وفقا ً للفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 512 اصول محاكمات مدنية كل اشارة دعوى او حجز... تشطب اذا توافر شرطان: الأول مرور عشر سنوات على قيدها على  صحيفة العقار دون ان يعمد صاحب المصلحة الى تجديد القيد، والشرط الثاني ان يكون ملف الدعوى أو الحجز مفقودا ً.

وحيث يتبين من الافادة الصادرة عن قلم محكة الدرجة الاولى في ... تاريخ 10 /7 / 1998 ان ملف الدعوى رقم ... هو موجود، كما يتبين من الافادة الصادرة عن قلم دائرة التنفيذ... ومن الافادة الصادرة عن محكمة الدرجة الاولى... ان ملف الحجز الاحتياطي رقم ... أودع حكم محكمة الدرجة الاولى وضم الى ملف الدعوى رقم ... وهو أيضا ً موجود.

وحيث يكون ملفا ً الحجز الاحتياطي رقم ... والدعوى رقم... موجودين، فيكون احد شرطي الفقرتين 3 و4 من المادة 512 غير متحقق.

وحيث يقتضي رد الاستدعاء لجهة شطب اشارة الحجز رقم.. واشارة الدعوى رقم ... "(69).

69. من البديهي القول، ان هذا الربط لا يجوز الا في حال انقضاء مهلة العشر سنوات وعدم القيام باي اجراء لتجديد القيد. لقد قضي في هذا المجال انه بصرف النظر عن وجود الملف او فقدانه فان الفقرة الثالثة من المادة 512 اصول محاكمات مدتنية اشترطت لشطب الاشارة مرور عشر سنوات على قيد هذه الاشارة على صحيفة العقار (70).

70. تجدر الاشارة أخيرا ً الى أن محكمة التمييز اعتبرت في قرار هام صادر عنها ان شطب الاشارة عن صحيفة العقار... هو فرع من أصل اذ ان الاشارة توضع تبعا ً للدعوى المقامة، ومن الطبيعي الا يجري البت بشطب الاشارة خارج الفصل في الدعوى، الا عند توفر الشروط  القانونية القانونية المنصوص عنها في الحالات المنوه عنها اعلاه (وفق أحكام الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 512 اصول محاكمات مدنية )"(71).

71. يمكن القول انه لا يمكن اعمال المبدأ المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 512 بصورة صحيحة، وفق الغاية المعدة له الا من خلال ربطه بالفقرة الرابعة من المادة المذكورة. وعليه، لا يمكن شطب اشارة الدعوى أو الحجز الا اذا كان ملف الدعوى مفقود وتوافرت الشروط المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 512 اي انقضاء مهلة عشر سنوات وعدم تجديد القيد بانقضائها (عمليا ً، عدم طلب تكوين ملف الدعوى والسير بها من النقطة التي وصلت اليها ). من هنا، ونظرا ً لتناقض الفقرتين الثالثة والرابعة المشار اليهما وغموضمها الواضح، لا بد من اجراء تعديل عليهما يأخذ بعين الاعتبار الغاية التي وضع من أجلها المبدأ.

72. فيما يتعلق بالخصم الذي يحق له طلب الشطب، يحق لأي طرف في دعوى أو حجز قد مرت عشر سنوات على قيد أي منهما في الصحيفة العينية للعقار أن يطلب شطب (ترقين) هذا القيد (72). ويعود للطرف الأخر الذي له مصلحة في استمرار القيد أن يطلب تجديده وفق اجراءات نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة 512 موضوع البحث. اذن، لا يحصل الشطب بصورة تلقائية بل بناء على طلب المتضرر من القيد وبقائه.

73. فيما يتعلق بالمرجع الذي يطلب منه الشطب، نصت الفقرة الرابعة من المادة 512 على أنه يقدم طلب شطب اشارة الدعوى أو الحجز باستدعاء الى رئيس الغرفة الابتدائية الواقع العقار في نطاقها. يقدم طلب شطب اشارة الحجز الموضوعة على صحيفة العقار الى رئيس الغرفة الابتدائية التي يقع العقار في منطقتها، وليس الى رئيس دائرة التنفيذ مصدر اشارة الحجز ولا الى المحكمة العالقة لديها الدعوى (73).

74. وقد قضي انه "انسجاما ً مع أحكام الفقرة 3 من المادة 512 اصول مدنية والتي حصرت صلاحية رئيس الغرفة الابتدائية بشطب كل اشارة دعوى او حجز بعد مرور عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار اذا تبين ان ملف الدعوى او الحجز مفقود، مع الاشارة الى أن هذا الاختصاص هو اختصاص استثنائي وحصري ولا يجوز التوسع في تفسيره وتجاوز ميدان تطبيقه لغير الحالات التي وضع من أجلها اصلا ً "(74).

75. لا يمكن اعطاء امين السجل العقاري صلاحية شطب اشارة دعوى مهما كانت السباب والظروف لدخول صلاحية شطب هذه الاشارات ضمن اعمال السلطة القضائية (75).

76. أخيرا ً، لقد قضي "أن هذه المحكمة بصفتها تنظر بالدعاوى العقارية وكونها مشرفة على قيود السجل العقاري يمكنها شطب اشارة الدعوى التي لا يوجد مرجع مختص بشطبها "(76).

77. لناحية الاشارات التي يمكن شطبها، اعتبر رئيس الغرفة الابتدائية المدنية الخامسة في بيروت "ان الفقرة الثالثة من المادة 512 تتعلق بشطب اشارات الدعاوى والحجوزات فقط فلا يجوز تطبيقها على الاشارات الأخرى". وان اشارة الشرفية لا تعتبر لا اشارة دعوى ولا اشارة حجز (77).

78. ان دور رئيس الغرفة الابتدائية منصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 512 اصول محاكمات مدنية (78).

79. يقوم رئيس الغرفة الابتدائية المقدم اليه الاستدعاء بتحقيق دقيق وواف ويمكنه تكليف قلم المحكمة بيان اذا كان ملف الدعوى أو الحجز موجودا ً أم لا. فاذا تبين له أن الملف موجود، بادر الى رد طلب شطب الأشارة دون حاجة لأي تحقيق أو اجراء اخر، ذلك أنه بوجود الملف، يمكن لصاحب المصلحة طلب ترقين الدعوى أو الحجز بمرور مهلة السقوط (79) وشطب اشارتيهما بقرار رجائي نافذ على اصله.

أما اذا تبين أن الملف مفقود يأمر رئيس المحكمة بنشر خلاصة الاستدعاء في الجريدة الرسمية وفي جريدتين محليتين، وبعد عشرين يوما ً على النشر دون ورود اي اعتراض جدي، يصدر قرارا ً بشطب الاشارة (80).

80. يلاحظ من خلال الفقرات 3 و 4 و 5 من المادة 512 اصول محاكمات مدنية، أن المشترع حرص على صيانة حقوق المتداعين سيما حقوق واضعي الاشارة، وذلك من خلال الأمور التالية (81):

81. يقوم رئيس الغرفة الابتدائية بتحقيق دقيق وواف قبل نشر الاستدعاء لمعرفة ما اذا كان ملف الدعوى مفقودا ً أم لا، ولم يحدد النص ماهية هذا التحقيق وكيفية حصوله، بل ترك للرئيس المذكور الحرية الكاملة في تحديد الطرق والوسائل. والتحقيق الذي يقوم به رئيس المحكمة ليس هو التحقيق المنصوص عليه في المادة 408 اصول مدنية، لأن المسألة لا تتعلق  بابلاغ شخص مجهول المقام، بل  أن التحقيق يرمي فقط الى معرفة واقعة واحدة وهي وجود أو عدم وجود الملف تمهيدا ً لأتخاذ القرار بالنشر وبعدها بالشطب.

ولكن، ليس ما يمنع رئيس المحكمة في حال تبين له من الأوراق وجود عنوان للمدعي او لطالب الحجز، أو وجود وكيل له، من ان يبلغه نسخة عن الاستدعاء لبيان ملاحظاتهم عليه،  فربما تمكن رئيس المحكمة من معرفة مصير الملف من خلال هذه الملاحظات.

يقرر رئيس الغرفة الابتدائية قبول الطلب اذا تبين له أن ملف االدعوى أو الحجز مفقود ويرد الطلب اذا تبين له أن ملف الدعوى او الحجز لا يزال موجودا ً.

82. ان اشارة الدعوى او الحجز لا تشطب بالطريقة المنصوص عنها في الفقرة الرابعة من المادة 512 الا بعد مرور عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار، وهذه المدة الطويلة، وهي مهلة مرور الزمن العادية على الحق ذاته، هي بحد ذاتها قرينة على أن هذه الاشارة اصبحت دون فائدة طالما أن واضعها لم يحرك ساكنا ً وملفها مفقود لم يطلب اعادة تكوينه.

83. اذا تبين لرئيس الغرفة الابتدائية من خلال التحقيق الذي يجريه وجود حكم أو قرار صادر في الدعوى، وأن هذا الحكم قضى باجابة طلب المدعي، كالحكم باقرار ملكيته ، أو برد الدعوى، وصورة هذا الحكم محفوظة في سجلات المحكمة أو وردت اشارة في دفتر الأساس الى ذلك او أن هذا الحكم قد تم نشره في احدى المجلات القضائية، فهل يستجيب لطلب المستدعي بشطب الاشارة لأن ملف الدعوى مفقود رغم وجود الحكم (82)؟

بادء ذي بدء، يقتضي القول ان النصوص القانونية المختلفة تشير الى أن الملكية المكرسة بحكم هي ملكية تامة ناجزة رغم وجوب التسجيل والقيد في السجل العقاري (83)، وان الحكم الذي يقضي بثبوت حق غير قابل للسقوط بمرور الزمن (كحق الملكية العقارية المسجل )هو حكم لا يسري عليه مرور الزمن (84).

ولكن بالمقابل، ان نص المادة 512 موضع هذا البحث يتناول مسألة خاصة لا علاقة لها بالملكية أو بالحكم الصادر في الدعوى، وهي مسألة اشارة الدعوى المسجلة على الصحيفة العينية. أما الحق الموضوعي فلا يتاثر مبدئيا ً بقرار الشطب هذا، وان كان معرضا ً للضياع في حال جرى التصرف بالعقار بعد شطب الاشارة.

ونحن نؤيد الراي القائل بانه في هذه الحالة، على رئيس الغرفة الابتدائية رد طلب الشطب. أولا: لأن العثور على حكم صادر بالقضية ينفي فقدان ملف الدعوى بكامله. وثانيا ً: لأن هدف المشترع ليس اسقاط الحق الموضوعي ولا هضم حقوق المالكين الثابتة ملكيتهم بحكم وثالثا ً: لا يمكن للمشترع أن يساهم في سوء نية المستدعي الذي يتقدم بطلب الشطب رغم علمه بوجود حكم ينفي صفته ومصلحته في شطب الاشارة ويثبت غشة واحتياله في هضم حقوق خصومه (85).

84. خلاصة القول، يلعب رئيس الغرفة الابتدائية المختصة دورا ً هاما ً في مجال شطب اشارة الدعوى أو الحجز ان عن طريق التحقيق الدقيق والواف الذي يقوم به لمعرفة مصير الملف، وان عن طريق اتخاذ القرار بنشر خلاصة الاستدعاء وان عن طريق القرار الذي يصدر عنه بشطب الاشارة في حال توافر شروطه او برد طلب الشطب في حال عدم توافر أحد الشروط المفروضة. من الضروري القول انه في هذه الحالة لا تسقط المحاكمة بل يصار الى شطب اشارة الدعوى او الحجز فقط لا غير.

85. لناحية قرار الشطب وطبيعته، بحسب الفقرة الرابعة من المادة 512 يصدر قرار الشطب بالصورة الرجائية ويكون نافذا ً على اصله.

86. في حال رد رئيس الغرفة الابتدائية طلب شطب الاشارة، هل يمكن الاعتراض على قراره من قبل مستدعي الشطب؟ طالما أن المشترع اعتبر القرار الذي يصدر عن رئيس الغرفة قرارا ً رجائيا ً، فيمكن للمستدعي الذي رفض طلبه، أن يطعن به بطريق الاعتراض أمام الغرفة الابتدائية خلال ثمانية ايام من تاريخ التبليغ عملا ً بالمادة 603 اصول مدنية. ويكون للمستدعي حق الطعن بالحكم الصادر بنتيجة الاعتراض بطريق الاستئناف امام محكمة الاستئناف في خلال ثمانية ايام من تاريخ التبليغ.

87. في حال قرر رئيس الغرفة الابتدائية قبول طلب شطب اشارة الدعوى او الحجز، يبقى أمام من يتضرر منه أن يطعن به وفقا ً للأصول المتبعة للطعن بالقرارات الرجائية عملا ً بالمادتين 601 و 602 اصول محاكمات مدنية، أي اما بطريق الاعتراض امام المرجع الذي اصدره، واما بطريق الابطال بدعوى اصلية يرفعها لهذه الغاية (86).

88. تجدر الاشارة الى أنه في حال أمر رئيس الغرفة الابتدائية نشر خلاصة الاستدعاء في الجريدة الرسمية وجريدتين محليتين، وتقدم اليه، خلال مهلة العشرين يوما ً اعتراض على هذا الاستدعاء، فما هو القرار الواجب اتخاذه وما هو مفعول هذا الاعتراض؟ ان النص لم يحدد هذه المفاعيل. وفي هذه الحالة، يقتضي العودة الى المبادىء العامة التي تسود الموضوع وهي تلك المنصوص عنها في المواد 594 وما يليها من قانون اصول المحاكمات المدنية. ويكون لواضع الاشارو اللجوء الى طلب تجديد القيد واعادة تكوين الملف عملا ً بالفقرة الثالثة من المادة 512 (87).

89. أخيرا ً، يكون القرار القاضي بالشطب نافذا ً على اصله اي دون حاجة لتبليغه (88).

90. يلاحظ أن شطب اشارة الدعوى أو الحجز ينطوي على غموض وتناقض واضحين بين الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 512 الحالية من قانون اصول المحاكمات المدنية، ما يقتضي بضرورة تعديلها.

91. في خلاصة هذا البحث نقترح التعديل التالي للفقرات الثالثة والرابعة والخامسة من المادة 512 المذكورة:

كل اشارة دعوى أو حجز مهما كان نوعها ومصدرها تشطب وفقا ً للأحكام التالية:

يعود لصاحب العلاقة طلب شطب اشارة الدعوى او الحجز بانقضاء مهلة خمس سنوات على قيدها على صحيفة العقار اذا كان ملف الدعوى موجودا ً. يقدم الطلب الى المحكمة التي كانت عالقة أمامها الدعوى. على  المحكمة التحقق من صدور قرار اكتسب الصيغة التنفيذية بسقوط المحاكمة سندا ً للمادتين 509 والفقرة الثانية من هذه المادة دون ان يصار الى شطب اشارة الدعوى أو الحجز بنتيجة قرار الاسقاط. تصدر المحكمة قرارها بعد ابلاغ الخصم ويكون القرار الصادر قابلا ً للطعن وفق الاصول المقررة في هذا القانون.

كل اشارة دعوى أو حجز مهما كان نوعها ومصدرها تشطب بعد مرور عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار اذا كان ملف الدعوى مفقودا ً ولم يبادر صاحب العلاقة الى اعادة تكوينه خلال هذه الفترة او استحال عليه ذلك. يقدم طلب شطب اشارة الدعوى او الحجز باستدعلاء الى رئيس الغرفة الابتدائية الواقع العقار في نطاقها. يقوم رئيس الغرفة الابتدائية بتحقيق دقيق وواف ويأمر بنشر خلاصة الاستدعاء في جريدتين محليتين يعينهما. يتخذ قراره بمرور شهر على النشر المذكور ويكون القرار الصادر قابلا ً للطعن وفق احكام المواد 601 وما يليها من هذا القانون.

لا تدخل في حساب مهلة العشر سنوات المهلة المعلقة بموجب القانون رقم 50 / 90 تاريخ 23/5 1991.