close
Login Form
Lawyer/Affiliate Sign Up
head

Article Content:

المادة 512 من قانون أصول المحاكمات المدنية

law.doc

المادة 512 من قانون أصول المحاكمات المدنية، بقلم: القاضي الدكتور جوزف عجاقه - العدل 2012 - 2

مقدمة

1. ورد نص المادة 512 أصول محاكمات مدنية، موضوع هذا البحث، في القسم المتعلق بسقوط المحاكمة بمضي المدة. وقد عدل بموجب القانون رقم 529 تاريخ 20 /6/ 1996.

2. لقد حددت المادة 512 مهلتين لسقوط المحاكمة وشطب اشارة الدعوى يختلف فيها النظام الاجرائي لكل منها:

- السقوط بترك المحاكمة مدة خمس سنوات، ويمكن للمحكمة أن تقرره من تلقاء ذاتها بدون دعوة الخصوم.

- شطب اشارة الدعوى أو الحجز بمضي عشر سنوات على قيدها على صحيفة العقار بناء رعلى طلب صاحب المصلحة.

3. يجري التساؤل بشكل عام عن الاعتبارات التي يبنى عليها السقوط المنصوص عليه في المادة 512 المشار اليها، هل تسقط الخصومة لأن عدم سير المدعي فيها هو قرينة على تنازله عنها، أم انها تسقط حفاظا ً على حقوق المدعى عليه حتى لا يبقى مهددا ً الى ما لا نهاية بدعوى خصمه مع ما تنتجه لديه من عدم استقرار، أم أن السقوط مبني على مراعاة المصلحة العامة حتى لا تتراكم القضايا امام المحاكم (1)؟

4. يحصل سقوط المحاكمة بالاجمال عندما يهملها المدعي مدة معينة دون معينة دون أن يقوم بأي عمل لمتابعتها، وهذا الموقف يمكن أن يدل على نيته في ترك المحاكمة، كما يمكن أن يشكل وسيلة في ابطاء الدعوى بقصد الاضرار بمصالح الخصم الاخر (2).

5. ان سقوط المحاكمة بمضي المدة يؤدي الى زوالها دون أن يطال أساس الحق الذي تستند اليه لأن السقوط يقتصر على اعادة الحق االى الحالة السابقة التي كان عليها قبل الشروع بالمحاكمة (3).

6. يختلف سقوط المحاكمة عن انقضائها: فانقضاء المحاكمة يشمل حالاته المتعددة حالة سقوط المحاكمة. ان انقضاء المحاكمة يعني انتهاءها اما بسبب صدور حكم في الدعوى أو انتهائها بالمصالحة أو موافقة المدعى عليه على مطالب المدعي او بالتنازل عنها أو بوفاة احد الفرقاء اذا كانت غير قابلة للانتقال، أما سقوط المحاكمة فينتج عن عدم قيام الفرقاء بمتابعتها فترة من الزمن (4).

7. لقد كرست الفقرة الاولى من المكادة 512 مبدأ عاما ً مفاده انه يقضى حتما ً بسقوط المحاكمة لدى توفر شروطه ولكن ليس على المحكمة ان تقضي به من تلقاء ذاتها.

8. ان هذا المبدا مرتبط بمهلة السنتين المنصوص عليها في المادة 509 أصول محاكمات مدنية، وعليه لا يجوز للمحكمة أن تقرر اسقاط المحاكمة بمضي مهلة السنتين من تلقاء ذاتها (5)، ويتبين بالتالي ضرورة ربط هذه الفقرة بالمادة 51 اصول محاكمات مدنية (6).

9. سوف نبدأ ببحث سقوط المحاكمة بمضي مدة خمس سنوات ثم شطب اشارة الدعوى والحجز.

الفقرة الاولى - سقوط المحاكمة بمضي خمس سنوات

10. لقد كرست الفقرة الثانية من المادة 512 اصول محاكمات مدنية مبدأ سقوط المحاكمة بمضي خمس سنوات. لهذا المبدا أهميته خاصة بالنسبة للدعاوى التي تسجل اشارتها في السجلات الرسمية المتعلقة بالحق المتنازع عليه. فهذا التسجيل من شأنه أن يعيق تداول الثروات ومنها الثروة العقارية نظرا ً لأن الاشارة تنتقل الى من ينتقل اليه الحق.

11. هناك رأي يعتبر انه اذا ترك المدعي المحاكمة مدة خمس سنوات دون القيام بأي اجراء لمتابعتها، فان ذلك يمكن ان يشكل قرينة على أنه قد عدل عن متابعة المحاكمة أو تنازل عنها أو استوفى حقوقه. واذا اراد المدعى عليه شطب الاشارة فيتوجب عليه أن يستحصل أولا ً من المحكمة بسقوطها (7).

12. هناك رأي يعتبر ان اسقاط المحاكمة يتسم بطابع الجزاء الذي يوقعه المشترع على المدعي المهمل الذي يتسبب بموقفه السلبي بعدم ايصال المحاكمة الى نهايتها (8).

13. تجدر الاشارة الى أنه قضي بأن اسقاط المحاكمة سندا للمادة 512 فقرتها الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية غير مبني على فكرة الأهمال بل على موضوعية الترك (9).

14. في الواقع، ينبغي التمييز بين ترك المحاكمة مدة سنتين وتركها مدة خمس سنوات. فبينما يعتبر الترك مدة سنتين قرينة على عدول المدعي عن متابعة المحاكمة أو تنازل عنها، يستند الترك مدة خمس سنوات على مقتضيات المصلحة العامة أي مصلحة تنظيمية مرتبطة بعدم اغراق المحاكم بالدعاوى (10).

أولا ً- شروط سقوط المحاكمة بمضي خمس سنوات

15. فيما يتعلق بالمحاكمة، لا يمكن أن يتحقق السقوط بمضي خمس سنوات الا بالنسبة لمحاكمة جارية أمام المحاكم أي لخصومة يكون الهدف منها حل نزاع بصدور حكم قضائي (11).

16. يجوز اسقاط المحاكمة في جميع المحاكمات الجارية أمام محاكم القضاء المدني سواء أكانت محاكم عادية كغرفة محكمة الدرجة الأولى أو القاضي المنفرد أم محاكم خاصة أو استثنائية كالقاضي العقاري ومجلس العمل التحكيمي.

17. لا يمكن تطبيق الاسقاط في قضايا التحكيم سيما وأن دور المحكم ينتهي بعد انقضاء المهلة المحددة في القانون أو اتفاق الخصوم لفصل النزاع المعروض عليهم (12).

18. كذلك لا يجوز اسقاط الدعوى المدنية المقامة أمام المحاكم الجزائية، ويكون الأمر على خلاف ذلك اذا أقيمت الدعوى المدنية جراء أفعال جرمية أمام المحاكم المدنية (13).

19. ان قواعد الاسقاط المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية لا تطبق على المحاكمات الجارية أمام المحاكم الادارية كمجلس شورى الدولة (14).

20. لا يؤخذ بعين الاعتبار طبيعة النزاع القائم أمام المحاكم المدنية لأن الاسقاط بطبيعته لا يمس الحق المنازع عليه ويجوز الاسقاط في جميع المحاكمات حتى تلك المتعلقة بحقوق غير خاضعة للتقادم أو المتعلق موضوعها بالنظام العام (15).

21. يجوز اسقاط المحاكمة سواء في المرحلة الابتدائية أو في االمرحلة الاستئنافية (16) كما في اعادة المحاكمة واعتراض الغير (17).

22. أمام محكمة التمييز، لا شيء يحول دون اعمال مبدأ الاسقاط في حال توافر شروطه اذا طبقت محكمة التمييز الاصول المتبعة لدى محكمة الاستئناف وذلك من أجل الحكم في القضية من جديد في الواقع والقانون (18).

23. فيما يتعلق بالمهلة، كانت المادة 512 فقرة 2و 3 بصيغتها الأصلية تنص عل انه:

اذا كانت المحاكمة قد تركت بلا ملاحقة مدة خمس سنوات منذ آخر اجراء صحيح تم فيها فيجوز للمحكمة ان تثير مسألة سقوطها تلقائيا ً بعد دعوة الخصوم.

أما اذا تحققت المحكمة بما لديها من وسائل الاثبات ان المحاكمة تركت بلا ملاحقة مدة عشر سنوات منذ آخر اجراء صحيح تم فيها فيجوز لها أن تقرر اسقاطها تلقائيا ً بدون دعوة الخصم بقرار نافذ على أصله.

24. لقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم 529 - 96 الذي وحد مهلة سقوط المحاكمة بأن جعلها خمس سنوات. لقد دمج التعديل بين فقرتي المادة 512 اللتين كانتا تفرقان بين عدم ملاحقة الدعوى مدة خمس سنوات فتسقطها المحكمة تلقائيا ً بعد دعوة الخصوم، وعدم الملاحقة مدة عشر سنوات، بحيث تسقط المحاكمة تلقائيا ً بدون دعوة الخصم.

25. وقد اعتبر بعض الفقهاء انه "ولأن مدة العشر سنوات هي مدة طويلة اذ انها مهلة مرور زمن تسقط الحق ذاته، فقد قصر المشترع مهلة سقوط المحاكمة الى خمس سنوات، وهذه مهلة اكثر من كافية، اذ ان من لا يلاحق دعواه ويتركها مدة خمس سنوات يكون غير واثق من حقه ويكون سيء النية في ادعائه والجزاء هو اسقاط دعواه (19)".

26. تسقط المحاكمة بتركها بلا ملاحقة مدة خمس سنوات من اليوم الذي تم فيه آخر اجراء صحيح في المحاكمة (20).

27. يقوم العنصر الأساسي لتقرير السقوط على ترك المحاكمة طيلة المدة المقررة دون الحاجة للبحث عن نية الفرقاء (21).

28. تسري هذه المهلة اية كانت مدة التقادم على الدعوى أو الحق المنازع عليه (22)، كما تسري على المحاكمة المتعلقة بحقوق غير خاضعة للتقادم اذ تظل خاضعة للسقوط بتركها مدة خمس سنوات.

29. كيما تعمل قواعد الاسقاط، يجب أن تكون مهلة الخمس سنوات قد انقضت دون القيام بأي اجراء صحيح لمتابعة المحاكمة.

30. يقصد بالاجراء الصحيح (23) لمتابعة المحاكمة كل اجراء غير باطل يهدف الى السير بالمحاكمة نحو غايتها المرجوة. بتعبير آخر، هو العمل الاجرائي الذي يقوم به أحد الخصوم بهدف متابعة السير بالمحاكمة. وهو ينجم عن موقف الخصوم وليس عن موقف المحكمة. اذا تأخرت المحكمة عن اصدار قرارها، فيكون من الطبيعي أن لا يستتبع ذلك السقوط.

فالاجراء الصحيح الذي يكون مبدأ المهلة آخر اجراء تم في المحاكمة.

تجدر الاشارة الى تضارب الآراء حول المسألة المتعلقة بمعرفة ما اذا كان تقديم الاستحضار يعتبر اجراء صحيحا ً كافيا ً لبدء سريان مهلة السقوط ام أنه لا بد لبدء المهلة المذكورة من تبليغ الاستحضار للمدعى عليه (34).

ثمة رأي يعتبر أن الخصومة المطلوب اسقاطها لا تنعقد بين فرقاء الدعوى بتقديم الاستحضار بل يتم انعقادها بعد تبليغ الاستحضار الى الخصم. انطلاقا ً من ذلك، ان مجرد تقديم الاستحضار لا يمكن أن يعتبر اجراء صحيحا ً كافيا ً لبدء سريان مهلة السنتين او الخمس سنوات المطلوبة قانونا ً  لاسقاط الدعوى بل لا بد من تبليغ الاستحضار الى المدعى عليه (25). وهناك رأي أخر يعتبر أن المحاكمة تبدأ منذ تقديم الاستحضار، وليس بذي اساس القول ان قيام المحاكمة مشروطة على تبليغ الاستحضار، وأن تقديم  الاستحضار هو أول اجراءات المحاكمة وبه تقوم أصلا ً، وهو صالح بذاته لتبدأ به مهلة السقوط (26).

اذن حتى يكون العمل الاجرائي قاطعا ً لمهلة السقوط يجب أن يكون جزءا ً من اجراءات المحاكمة ومتابعتها (27). مع العلم أنه لا يكفي لقطع مهلة السقوط ان يقوم أحد الخصوم بأي أجراء حيادي بل يجب لأن يكون هذا الاجراء صحيحا ً ومفيدا ً ويستهدف متابعة السير بالدعوى (28).

يستوي أن يكون هذا الاجراء قد قام به أحد الخصوم أو صدر عن المحكمة أو المساعدين القضائيين الملحقين بها بناء على طلب الخصوم أو في مصلحتهم ما دام أنه يرمي الى متابعة السير بالدعوى كتبليغ الاستحضار وتبليغ اللائحة المقدمة من أحد الخصمين الى الخصم الآخر واستجواب الخصوم وطلب اجراء تحقيق وما الى ذلك (29)

31. بعد أن تعلن المحكمة ختام المحاكمة لا يعود مطلوبا ً من الخصوم القيام بأي اجراء وتبعا ً لذلك لا يمكن الادلاء بوجههم بالسقوط (30).

32. لا تطبق قواعد السقوط بعد صدور الاحكام القضائية لأنها تنهي النزاع (31)، وتطبق في هذه الحالة القواعد المتعلقة بمدة مرور الزمن على الحق الثابت في الحكم (32)، واذا اصدرت المحكمة قرارا ً تمهيديا ً باجراء تحقيق فان هذا القرار لا يعفي الخصوم من القيام بالاجراءات لمتابعتها (33).

33. تعتبر مهلة السقوط من مهل اصول المحاكمات التي تخضع في حسابها للقواعد المتعلقة بهذه المهل (34). وعلى ذلك ما دام ان مبدأ المهلة هو الاجراء الأخير الذي تم في المحاكمة فان اليوم الذي حصل فيه الاجراء لا يدخل في حساب المهلة (35). أما اليوم الذي تنتهي فيه المهلة فيدخل في حسابها (36).

34. تنتهي مهلة الخمس سنوات في اليوم والشهر من السنة الأخيرة المقابلين لليوم والشهر اللذين بدأت فيهما (37). واذا انتهت المهلة في يوم عطلة رسمية فتمدد الى اول يوم يليه من ايام العمل (38). كما تمدد هذه المهلة بسبب المسافة (39).

35. تجدر الاشارة أخيرا ً انه يجب الأخذ بعين الاعتبار الاجراءات الحاصلة خلال المحاكمة، فلا عبرة للأعمال والاجراءات السابقة لتقديم الدعوى وان قام بها أحد الخصوم كالانذارات والاحتجاجات (40).

ثانيا ً- اجراءات سقوط المحاكمة بمضي خمس سنوات

36. ان مبدأ سقوط المحاكمة لتركها مدة سنتين منذ آخر اجراء صحيح تم فيها هو من حق الخصوم وحدهم دون المحكمة بعكس السقوط للترك مدة خمس سنوات بحيث يعود للمحكمة ان تقرره من تلقاء ذاتها.

37. فيما يتعلق بدور المحكمة في الاسقاط، نصت الفقرة الثانية من المادة 512 اصول محاكمات مدنية على أنه: "اذا تحققت للمحكمة بما لديها من وسائل الاثبات من أن المحاكمة تركت بلا ملاحقة مدة خمس سنوات منذ آخر احراء صحيح تم فيها فيجوز لها ان تقرر اسقاطها تلقائيا ً بدون دعوة الخصوم بقرار رجائي نافذ على أصله.

يتبين من النص الأمور التالية:

38. أولا ً: يعود للمحكمة اسقاط المحاكمة من تلقاء ذاتها دون الحاجة لتقديم اي طلب من الفرقاء. وهذا ما يميز السقوط بمضي خمس سنوات عن السقوط بمضي السنتين المنصوص عليه في المادة 509 اصول محاكمات مدنية. اذن، لا لزوم لتقديم طلب لاسقاط المحاكمة في هذه الحالة كما لا يدعى الخصوم لمناقشة هذه المسألأة (42).

39. ثانيا ً: يستنتج من نص الفقرة الثانية من المادة 512 المذكورة أن النص المذكور لا يتعلق بالانتظام العام سيما وأنه يعود للمحكمة أن تسقط المحاكمة تلقائيا ً بمضي المدة المحددة فيه. بالفعل ان القضاء باسقاط المحاكمة بمضي خمس سنوات هو جوازي للمحكمة ولا يترتب عليها ايه مسؤولية في حال عدم القضاء به بانقضاء المهلة المحددة.

40. ثالثا ً: على المحكمة قبل أن تقرر اسقاط المحاكمة أن تتحق بما لديها من وسائل اثبات من أنها تركت بلا ملاحقة مدة خمس سنوات منذ آخر اجراء صحيح تم فيها.

41. تقوم المحكمة بالتحقيقات الكافية بالاستناد الى ما لديها من معطيات في ملف الدعوى فتراجع الأوراق والمستاندات واللوائح الواردة فيه، كما تستند في تحقيقها الى محضر جلسات المحاكمة فاذا تبين لها ان الشروط المحددة في الفقرة الثانية من المادة 512 اصول محاكمات مدنية هي متوافر تقرر عندها الاسقاط.

42. اذا أقدم أحد الفرقاء على القيام باجراء ما دون أن يتم تدوينه على محضر جلسات المحاكمة، نعتقد في هذه الحالة أنه لا يجب الاخذ به لان العبرة هي لما هو مدون على المحضر و لا تأثير لأي اجراء حاصل خارج اطار المحاكمة وغير مدون على محضرها.

43. فيما يتعلق بالقرار القاضي بالسقوط وطبيعته، بحسب الفقرة الثانية من المادة 512 أصول محاكمات مدنية تقرر المحكمة اسقاط المحاكمة تلقائيا ً بدون دعوة الخصوم بقرار رجائي نافذ على أصله. ان ترك المحاكمة مدة خمس سنوات يبرر سقوطها بدون محاكمة وجاهية بين الخصوم وبالتالي بدون دعوة توجه اليهم، كما انه لا يحدد أي موعد لاصدار قرار الاسقاط (43).

44. أن الحل المكرس في الفقرة الثانية من المادة 512 المذكورة له فوائد عملية كبرى اذ انه ذلل الصعوبات التي كانت تعترض المحاكم في حال تبديل المدعي لمحل اقامته وعدم وجود عنوان للمدعى عليه وتعذر تبليغهما أو أحدهما (44).

45. لا يمكن التذرع بأن هذا الحل يهضم حقوق المدعي وذلك بتقرير سقوط المحاكمة في غيابه ودون دعوة توجه اليه سيما وأنه هو ذاته أهمل المحاكمة بتركها مدة خمس سنوات دون ان يقوم بأي عمل لمتابعتها، يضاف الى ذلك، ان اسقاط المحاكمة لا يؤثر على الحق اذا لم يكن قد سقط بمرور الزمن ويجوز بالتالي للمدعي أن يعود ويطالب به (45).

46. تجدر الاشارة الى أن نص الفقرة الثانية من المادة 512 المذكورة قبل تعديل العام 1996 كان يخول المحكمة اصدار حكمها باسقاط المحاكمة تلقائيا ً بمضي خمس سنوات ولكن بعد دعوة الخصوم. وعليه، فاذا رغب عندئذ أحدهم أو جميعهم في متابعة المحاكمة، عليهم ابداء رغبتهم بذلك باستدعاء خطي يقدم الى المحكمة او بتصريح شفهي في الجلسة التي جرت دعوتهم اليها، يجري تدوينه على المحضر وتتابع بعدها اجراءات المحاكمة كالمعتاد. واذا لم يبدوا هذه الرغبة بعد تبلغهم الدعوة او صرحوا بعدم رغبتهم في متابعة المحاكمة أو اذا تخلفوا عن حضور الجلسة التي جرت دعوتهم اليها بدون عذر مقبول، أصدرت المحكمة حكما ً باسقاط المحاكمة (46).

47. افترض المشترع في المادة المذكورة انتفاء النزاع في الحالة التي تركت فيها المحاكمة مدة خمس سنوات بدون ملاحقة منذ آخر اجراء صحيح تم فيها وقد نص على سلطة المحكمة الولائية لاجراء رقابتها والقيام بالتحقيقات اللازمة تمهيدا ً لاصدار قرارها باسقاط المحاكمة بدون دعوة اي من الخصوم (47).

48. لقد اعتبرت الفقرة الثانية من المادة 512 ان القرار الذي يعلن سقوط المحاكمة له صفة القرار الرجائي وذلك بالرغم من عدم ضرورة تقديم طلب للاسقاط بخلاف ما نصت عليه المادة 595 اصول محاكمات مدنية التي نصت على تقديم الطلب الرجائي بموجب استدعاء الى القاضي او المحكمة ذات الاختصاصص (48) ومن النتائج المترتبة على اعتباره قرارا ً رجائيا ً:

49. أولا ً: لا تكون له حجية القضية المحكوم بها (49).

50. ثانيا ً: يمكن للخصم الذي تضرر منه أن يعترض عليه امام المحكمة ذاتها التي اصدرته اذا كانت لديه أسباب من شانها أن تحول دون السقوط . فاذا وجدت المحكمة أن هذه الأسباب جدية يمكنها الرجوع عن قرارها وتعتبر بالتالي المحاكمة قائمة بجميع مفاعيلها (50). كما أجاز القانون اقامة دعوى بابطال القرار الرجائي بسبب مخالفة القانون (51).

51. ثالثا ً: ان القرار الصادر عن المحكمة هو قرار نافذ على اصله بحيث يمكن تنفيذه مباشرة بواسطة كاتب المحكمة ودون حاجة لتبليغه لأي من الخصوم أو ارسال انذار بمضمونه لأي منهما، وتعتمد النسخة الاصلية الموقعة من القاضي دون حاجة للاستحصال على صورة صالحة للتنفيذ، واذا كانت قد وضعت اشارة الدعوى على صحيفة العقار موضوع النزاع فان كاتب المحكمة يوجه مذكرة بمضمون الحكم الى أمانة السجل العقاري لشطب اشارة الدعوى (52).

52. ان الفقرة الثانية من المادة 512 جاءت تكمل نص المادة 509 اصول محاكمات مدنية بحيث أعطت المحكمة امكانية اسقاط المحاكمة بشروط محددة عند تقاعس الفرقاء عن متابعتها طوال مدة الخمس سنوات ما يدل على نيتهم الواضحة وتقاعسهم عن متابعة المحاكمة ومن شأن ذلك أن يؤدي الى سقوطها.

ان اسقاط المحاكمة لتركها مدة خمس سنوات يخضع مبدئيا ً للقواعد عينها التي تخضع لها سقوطها للترك مدة سنتين.

ان هذه الفقرة هي ايجابية اذ جاءت في موقعها القانوني متضمنة قواعد هامة في مجال سقوط المحاكمة: ان لجهة الشروط الموضوعية أو لجهة دور المحكمة وطبيعة القرار الصادر عنها.

وتجدر الاشارة الى أنه درجت بعض المحاكم على ان تطلب من قلمها ان يحيل اليها كل ملف تتوافر فيه الشروط المتقدمة لتطبق نص الفقرة الثانية من المادة موضوع هذا البحث (53).

ننتقل في المرحلة الحاضرة الى بحث مسألة شطب اشارة الدعوى والحجز.