close
Login Form
Lawyer/Affiliate Sign Up
head

Article Content:

النواحي البيئية في موضوع سلامة الغذاء في لبنان وكيفية معالجتها

النواحي البيئية في موضوع سلامة الغذاء في لبنان وكيفية معالجتها - د. عادل قرطاس وزير الزراعة الأسبق

أولا ً: المقدمة

خلال ورشة العمل عن سلامة الغذاء وانشاء الهيئة التي ستعنى بسلامة الغذاء، والتي عقدت برعاية كريمة من وزير الصحة العامة، الأستاذ وائل ابو فاعور، والتي أشرفت عليها شخصيا ً، باسم الهيئة اللبنانية للغذاء والتنمية، وكرئيس للجمعية اللبنانية لأصدقاء المياه في لبنان، والتي أقيمت في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، بتاريخ 21 كانون الثاني 2015، بدعوة كريمة من لجنة الزراعة في غرفة التجارة الدولية - فرع لبنان، والهيئة اللبنانية للغذاء والتنميه، وكان الهدف الأساسي من عقد هذه الورشة هو:

- تسليط الأضواء على أهمية وجودة الغذاء في لبنان.
- التشاور والبحث واستعراض جميع التشريعات والأنظمة التي تعنى بسلامة وجودة الغذاء.
- اعتماد التوصيات التي تؤدي الى تعزيز التدابير والأنظمة، واقتراح ما يلزم من قوانين، أو اتخاذ التدابير العملانية، والادارية، والتنظيمية لتحسين الوضع الخاص بسلامة وجودة الغذاء.
- تأييد الحملة التي يقوم بها مشكورا ً الوزير وائل ابو فاعور، والمشروع الذي أقرته وافقت عليه اللجنة الفرعية النيابية.

خلال هذه الورشة تبين من المناقشات التي أثيرت، ومن التوصيات التيي صدرت عنها، أن النواحي البيئية هي الأهم والتي يجب أن نوليها العناية القصوى في لبنان للتوصل الى غذاء سليم، خال من الجراثيم و الفيروسات والفطريات والأوبئة.

ثانيا ً: النواحي البيئية لموضوع سلامة الغذاء

وأوصت الورشة أن هناك خمس عناوين مهمة لتأمين سلامة الغذاء، وهي في مجموعها تشكل النواحي البيئية لتامين سلامة الغذاء.

(أ) العنوان الأول هو النظافة،

(ب) العنوان الثاني هو الفصل بين ما هو طازج، ولم يصنع بعد، وما هو قيد التصنيع أو الطبخ على النار، تلافيا ً لانتقال الجراثيم من الفئة الأولى الى الفئة الثانية،

(ج) اعداد الطبخ على النار حتى النهاية،

(د) حفظ الغذاء او الطعام وفقا ً لدرجات حرارة مناسبة،

(ه) استعمال مواد اولية مياه عذبة ونظيفة.

وهذه العناوين الخمس تعتبر النواحي البيئية التي هي موضوع هذا البحث.

الهدف الأول والأخير هو تأمين النظافة والتوصل الى التخلص من البكتريات والفيروسات والفطريات، والجزيئيات micro-organisms المضرة التي  تتأتى على الغذاء، وتحوله الى ما يضر ويسمم صحة الانسان. وهذا وباء عام يشمل الدول المتقدمة والنامية، على السواء، كما يشمل ايضا ً الصغار والشباب والمسنين، ويظهر بتسمم صحة الانسان، والتقيؤ، والاسهال، وعدم انتظام تناول الغذاء. وهذا ينعكس سلبا ً على الاقتصاد القومي لكل بلد.

ومن هذه البكتريات: نذكر على سبيل الذكر لا الحصر، السالمونيلا Salmonella، والكامبيلوباكتر Campilobacter والأشيليشيا كولاي Echilichia Coli .

ومن Parasitis : التريشينيلا  Trichinellaومن الفيروسات: Norovirus - Hepatitis A  وكلها لا ترى بالعين المجردة، نظرا ً لصغر حجمها المتناهي، اذ ان معلقة صغيرة واحدة تحتوي على أكثر من مليار جزيئية. وكل الحيوانات، مهما كانت نظيفة، تحمل هذه الجزيئيات في أرجلها، وأفواهها، وجلدها. وتقدر أعدادها بنحو 100000 بكتريا، في سنتيمتر مربع واحد على جسد الانسان أو الحيوان.

وانتقال هذه الجزيئيات من مكان الى آخر يسبب العدوى، عن طريق انتقاتلها من الأيدي غير النظيفة، أو بواسطة الطعام أو المياه الملوثة، والبكتريا الواحدة ستتحول الى اثنتين في ظرف 15 دقيقة، وفي ظرف 6 ساعات تتكاثر الى 16 مليون. وكلما ازداد العدد، كلما ازداد انتشار الاصابة بالمرض.

ثالثا ً: كيفية المعالجة

وللتأكد من عدم حصول ذلك، يجب اعتماد نظام التتبع والمراقبة على جميع المستويات، من مستوى الانتاج في المزرعة، حتى الوصول الى مستوى المستهلك. وأي تلكؤ أو غلطة على مستوى أي حلقة، ان في المزرعة، أو في التسويق، أو النقل، أو التوزيع، أو التصنيع، أو الحفظ، ستكون من نتائجه التورط في سلامة الغذاء، وانعكاس ذلك سلبا ً على صحة الانسان. وهذا ما يعرف، في نظام تحليل المخاطر، بنظام HACCP الذي يهدف أولا ً وأخيرا ً الى تعزيز نظام حماية المستهلك، بالتقليل من المخاطر المتأتية من الملوثات التي تكلمنا عنها أعلاه، او من الأطعمة الفاسدة التي تفرزها المداخلات أو الاجراءات غير السليمة وغير المنتظمة حسب الأصول، والتي تؤدي أخيرا ً الى عدم ثقة المستهلك في البيئة التي يعيش فيها. لذلك وجب تأمين الوصول الى الأهداف التي تسعى اليها السياسة العليا لسلامة الغذاء على مستوى الوطن ككل، والتي ستنفذها الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء، عند انشائها، بعد صدور القانون الخاص بهذا الشان. وهذه الأهداف تختصر بما يلي: 

- حماية المستهلك من الأمراض الجرثومية الخطرة.
- حماية الموطنين من استهلاك اطعمة فاسدة.
- اعطاء المستهلكين الاطمئنان والثقة بالنظام الغذائي، وبالتالي المساهمة في تأمين الأمن الغذائي على مستوى الوطن ولتحقيق هذه الاجراءات يجب:

- اقتراح نظام خاص لسلامة الغذاء على المستوى الوطني.
- اتباع أسلوب تحليل المخاطر كأساس لجميع الدراسات والأبحاث الخاصة بسلامة الغذاء.
- اعادة النظر بالقوانين والأنظمة القائمة التي تشمل سلامة الغذاء.
- تنسيق أنظمة وأنشطة الرقابة على الغذاء.
- تحسين أوضاع الصناعات الزراعية والغذائية القائمة.
- المتابعة والتقييم.
- تعميم الثقافة، والأبحاث، والدراسات بشأن سلامة الغذاء. وسيسعى النظام اللبناني، في المستقبل، بعد صدور القانون، الى التنسيق ما أمكن بين الوزارات والهيئات المسؤولة عن سلامة الغذاء، فيحدد المهام لكل منها، ضمن برنامج سنوي يعرض على اللجنة الوزارية المنصوص عنها في القانون للموافقة عليه. والتنسيق بين الوزارات ضروري حتى لا يكون هناك تناقضات بين وزارة وأخرى، وبالتالي تدنيا ً في انتاجية العمل الرقابي.
- تأمين وتعزيز المراقبة الذاتية، من مستوى المزرعة حتى المستهلك. وهذا يستوجب في كل مرحلة من المراحل التنبه الى نظافة وصحة العمال والموظفين الذين يعملون في كل مرحلة، كما يستوجب نظافة الأطعمة وضرورة خلوها من الجراثيم والملوثات الأخرى، ونظافة الأمكنة التي ينتج أو يصنع فيها الغذاء، وأن يكون البناء متناسبا ً ومتوازيا ً مع الغرض المطلوب في الانتاج والتصنيع. 

ولتأمين المراقبة الذاتية يجب:
(أ) الاستمرار في تثقيف الموظفين وتدريبهم على شروط النظافة وسلامة الغذاء.
(ب) تأمين المستلزمات الضرورية عند شراء المواد الأولية والتأكد من سلامتها ونظافتها قبل الطهي ووصولها الى المطعم، وكيفية التخزين، وسلامته، وطريقة التغليف والتغليب، والتأكد من أن اللصاقات تتضمن المعلومات حسب القانون.

(ج) تأمين طرق النقل والحفظ والتوزيع، حسب الأصول.

(د) التأكد) من سلامة ونظافة الأمكنة التي تخزن وتحفظ وتصنع فيها الأطعمة، ونظافة الآليات والماكينات التي تستعمل لتصنيع الأغذية.

كما أن المراقبة الخارجية، أي الخارجة عن نطاق المشرفين على الانتاج الزراعي، أو الغذائي لدى تصنيعه ، والتي يقوم بها المراقبون والموظفون الموكول اليهم مهام المراقبة. وذلك للتأكد:

× من سلامة وخلو الأطعمة من الجراثيم والفيروسات والفطريات، والاطلاع علا المصادر، والفحص المخبري، واستقصاء المعلومات.
× التدريب والتثقيف والتأهيل: لأصحاب الصناعة، والمزارعين والمحترفين والمستهلكين.
× طرق الفحص وأخذ العينات وكل الاجراءات التي تؤدي الى التأكد من سلامة وجودة الغذاء. وهذا يستلزم أن يصدر عن معالي وزير الاقتصاد والتجارة قرارت توضيحية لتنفيذ قانون حماية المستهلك ، وبالأخص المادة 45 من هذا القانون ، التي تنص على الاجراءات الآيلة الى الحفاظ على الصحة والسلامة العام، ومنها:
× منع استيراد أو تصدير السلعة في الحالات الطارئة.
× تحديد شروط خاصة لاستيراد السلعة أو تصديرها.
× منع التداول بالسلعة والأمر باتلافها في بعض الحالات.
× سحب السلعة من التداول.
× اصدار قرار يمنع أي محترف من التعاطي مع أي جهة معنية، أو تاجر ، أو موزع، الا  اذا كان حائزا ً على رقم صحي من وزارة الصحة العامة.
× انجاز تسجيل المستودعات الغذائية والمسالخ من قبل وزارة الزراعة.
× تطوير نظام التتبع في كافة المؤسسات التي تتداول بالغذاء، وبالأخص تطبيق هذا النظام على السلع الغذائية المستوردة حتى تصل الى المستهلك.

رابعا ً : الخلاصة

الخلاصة التي توصلنا اليها، من خلال هذا البحث، هي في تسليط الضؤ على أهمية النواحي البيئية في سلامة الغذاء وكيفية معالجتها. أما السياسة بشأن سلامة الغذاء، على الصعيد الوطني، واستصدار القانون الخاص بانشاء الهيئة الوطنية لتأمين سلامة الغذاء، فلنا معه موعد آخر، في غير هذه المناسبة.