close
Login Form
Lawyer/Affiliate Sign Up
head

Article Content:

زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية

تعليق على نص تشريعي

الموضوع: دراسة نقدية لأحكام القانون اللبناني حول زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في ضوء القوانين العربية والأوروبية Etude critique des dispositions de la loi Libanaise sur l’implantation des organes et tissus humains à la lumière des lois arabes et européennes

جامعة الروح القدس - أحمد الأيوبي - الياس ريشا - مرليز رومانوس - رشاد القزي

الشخص الطبيعي هو الكائن البشري  d’être humain المتمتع حكما ً بالشخصية القانونية بمجرد ولادته حيا ً، وطالما هو على قيد الحياة.

ان معيار وجود الشخص الطبيعي هو كيانه الجسدي، فالكيان الجسدي هو الذي يبرز الشخصية القانونية الى حيز الوجود، وهو الذي يمكنها من مباشرة الأعمال القانونية أو الوقائع القانونية الضارة بالغير أو النافعة له، فالكيان الجسدي مندمج اذن بالشخصية القانونية، وينظر اليه على أنه الشخص بذاته: Le corps humain est la personne elle même

ان مبدأ اندماج الجسد بالشخصية القانونية استتبع نتيجة سلبية ونتيجة ايجابية: النتيجة السلبية مفادها عدم اقرار حقوق ذاتية Les droits subjectifs للانسان على جسده. فالحق له طرف وهو الشخص، وله موضوع وهو الشيء، وطالما أن الجسد يوازي الشخص في القانون، فلا يمكن تصور قيام حق على الجسد لأن ذلك سوف يؤدي الى حصول خلط بين طرف الحق وموضوعه  Le sujet du droit et l’objet du droit.

أما النتيجة الايجابية فقد تمثلت باجماع تشريعات العالم كافة على تبني قواعد قانونية تكفل حماية خاصة لجسد الانسان؛ فالغير ملزم باحترام جسد الانسان وبعدم التعرض له، وذلك تحت طائلة مساءلته مدنيا ً، عبر دعوى المسؤولية المدنية، وحتى جزائيا ً عبر الدعوى الجزائية L’action pénale هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فان جسد الانسان، بأعضائه كافة وبخواصه البشرية الناشئة عن النشاط الفيزيولوجي المنتظم Les substances humaines sécrétées suite à une activité physiologique régulière

(كالدم le sang، والهرمونات les hormones والسائل المنوي les spermes)، لا يمكن أن يكون موضوعا ً لحق مالي  droit patrimonial وهذا ما يعرف بقاعدة عدم مالية الجسد l’extrapatrimonalité humaine وبالتالي فهو غير قابل للتداول، وهذا ما يعرف بمبدأ عدم قابلية الجسد للتداول le principe de l’indisponibilité du corps humain. فالجسد، وفق المبدأ الأخير، لا يمكن أن يكون موضوعا ً لأعمال قانونية تصرفية actes juridiques de disposition، وبالتالي يحظر على الانسان التصرف بجسده.

ان مبدأ عدم قابلية التصرف بالجسد لم يصمد طويلا ً أمام التطور العلمي في المجال الطبي، اذ شهد منتصف القرن التاسع عشر انعطافا ً وتطورا ً كبيرا ً في مجال الطب الجراحي، حيث استطاع الأطباء الجراحون اجراء عمليات استبدال أعضاء بشرية لا تقوم بدورها الوظيفي، بأعضاء بشرية سليمة. وبهذا الانجاز الطبي يكون الطب الحديث قد تجاوز حدود الأعمال التقليدية في العلاج، ليدخل وسائل فنية حديثة وذات فاعلية أكبر في معالجة الأمراض والاصابات التي لا تجدي معها وسائل المعالجة العادية، وأمكن بذلك انقاذ  آلاف المرضى والمصابين من موت محقق.

ان عملية الاستبدال تستلزم من جهة استئصال عضو أو نسيج أو خلية من جسد انسان حي  أو من جثة شخص ميت، ومن جهة أخرى زرعها في جسد انسان حي. وبالتالي ان عملية الاستئصال تستوجب عملا ً تصرفيا ً يصدر عن الانسان، وهذا ما وضع مشترعي العالم أمام مسألة حرجة وهي التالية.

هل على القانون أن يبيح التصرف بالأعضاء البشرية بغية زرعها في جسد انسان حي؟ أم أنه يتعين الابقاء على مبدأ عدم قابلية الجسد للتدول بمفهومه التقليدي من دون مساس، وذلك عبر تحظير عمليتي الاستئصال والزرع؟

الغالبية العظمى من تشريعات العالم تصدت للمسألة المثارة بصورة مباشرة فأباحت التصرف بالأعضاء البشرية، وفق ضوابط معينة، بغية زرعها في جسد انسان حي، خارقة بذلك مبدأ عدم قابلية الجسد للتدوال.

والمشترع اللبناني خرق بدوره المبدأ المذكور، فأباح استئصال الأنسجة والأعضاء البشرية بغية زرعها في جسد انسان حي، وذلك عبر المرسوم الاشتراعي رقم /109/ تاريخ 16 أيلول 1983 الذي صدر بعنوان أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية لغايات طبية وعلمية وعبر المرسوم التطبيقي رقم /1442/ تاريخ 20/1/1984، وعبر المادة /30/ من قانون الآداب الطبية رقم /288/ لسنة 1994.

ان مقاربة نصوص القانون اللبناني على ضوء القوانين العربية والأوروبية تظهر  أن المشترع اللبناني أغفل ايراد قواعد قانونية أساسية ضامنة لنزاهة عملية زرع الأعضاء والأنسجة البشرية (1)، وأهمل التعرض لجوانب الزرع التنظيمية (2) 

1- اغفال قواعد أساسية ضامنة لنزاهة الزرع

ان الخوف من تحول عملية زراعة الأعضاء الى تجارة يمتهنها بعضهم، دفع الغالبية الساحقة من تشريعات العالم الى تبني قواعد قانونية أساسية تضمن نزاهة عملية الزرع.

أغفل المشترع اللبناني ايراد العديد من القواعد المذكورة، في نص المرسوم الاشتراعي رقم 109/83، واكتفى بالتأكيد سريعا ً على مبدأ مجانية الهبة وعلى مبدأ منع المتاجرة بالأعضاء البشرية وهذا يعد نقصا ً فادحا ً في التشريع اللبناني.

وعليه نرى أنه يتوجب على المشرع اللبناني أن يبادر الى تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 109/83، عبر ادخال قواعد قانونية تبين بعض التفصيلات الملازمة لمبدأ مجانية هبة الأعضاء، وتؤكد على استقلالية الطاقم الطبي الذي يباشر عملية الاستئصال والزرع، وتحظر الدعاية الشخصية في مجال زرع الأعضاء والأنسجة والخلايا، وتتشدد في اجراءات توثيق رضى الواهب الحر والواعي (libre et éclairé) وتعتمد معايير واضحة وعادلة في توزيع الأعضاء.

هذا ما سوف نحاول عرضه تباعا ً، مستفيدين من تجربة القوانين الأجنبية في هذا المجال. 

1- مبدأ مجانية الهبة 

أكد المشترع اللبناني على مبدأ مجانية هبة الأعضاء والأنسجة، لكنه أغفل التطرق الى بعض الجوانب المادية المتصلة بعملية الزرع.

1-1- التأكيد على مبدأ مجانية الهبة

أ- اشترطت المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 109 في بندها الرابع أن يكون اعطاء الأنسجة والأعضاء قد تم على سبيل الهبة المجانية غير المشروطة.

ب- وهذا ما  اكدت عليه أيضا ً القوانين العربية: فالمادة الرابعة من قانون الانتفاع بأعضاء جسم الانسان في الأردن نصت على ما يلي: "لا يجوز أن يتم التبرع بالعضو مقابل بدل مادي أو بقصد الربح ".

كما أن المادة السابعة من القانون الكويتي الخاص بزراعة الأعضاء ( القانون رقم 55/1987) نصت على ما يلي: "لا يجوز بيع أعضاء الجسم أو شراؤها بأي وسيلة أو تقاضي أي مقابل مادي عنها ويحظر على الطبيب الاختصاصي اجراء عملية استئصالها اذا كان على علم بذلك".

كما أوردت المادة /161/ من القانون الجزائري ما حرفيته:

Le prélèvement et la transplantation d’organes et de tissus humains ne peuvent faire l’objet d’aucune transaction financière.

و أخيرا ً اشترطت المادة الثانية من قانون نقل وغرس أعضاء جسم لانسان في سوريا (القانون رقم / 31/ تاريخ 23/8/ 1972) لصحة الهبة "أن لا يتم تنازل المتبرع عن أحد أعضائه أو جزء منه لقاء بدل مادي أو بغاية الربح".

ج- وهذا ما لحظته أيضا ً القوانين الأوروبية

فالمادة 4- 1211 L من قانون الصحة العامة الفرنسي نصت على ما يلي:

Aucun paiement, qu’elle qu’en soit la forme, ne peut être alloué à celui qui se prête au prélèvement d’éléments de son corps ou à la collecte de ses produits.

كما أن المادة السادسة من القانون الفيدرالي السويسري حول زرع الأعضاء والأنسجة والخلايا أوردت ما حرفيته:

Il est interdit d’octroyer ou de percevoir un quelconque avantage pécuniaire ou un autre avantage pour le don d’organe de tissus ou cellules d’origine humaine. 

2- اغفال بعض الجوانب المادية المتصلة بعملية الزرع 

أغفل المشترلاع اللبناني التطرق الى المسائل التالية:

من يتحمل نفقات عملية الاستئصال؟

هل أن تعويض الواهب عن الربح الفائت gain manqué أو عن الخسارة الواقعة pertes subies يتعارض مع مبدأ مجانية العدالة؟

أ- القانون الفرنسي تصدى بشكل صريح للمسألة الأولى، فألقى النفقات على عاتق المؤسسة التي يعهد اليها باجراء عملية الاستئصال. وقد جاء في الفقرة الثانية من المادة 4- 1219 / من قانون الصحة العامة ما يلي:

Les frais afférents au prélèvement ou à la collection sont intégralement pris en charge par l’établissement de santé chargé d’effectuer le prélèvement ou la collecte.

القانون البلجيكي ذهب في الاتجاه ذاته. اذ جاء في المادة /17/منه ما يلي:

Les frais de l’intervention sur le donneur défunt sont à la charge de l’Etat

ب- أما عن المسألة الثانية، فان القانون السويسرس أتى حاسما ً، عندما اعتبر أن تعويض الواهب عن الربح الفائت أو الخسارة الواقعة به من جراء عملية الاستئصال، لا يعد خرقا ً لمبدأ مجانية الهبة:

Ne sont pas considérés comme un avantage pécuniaire ou un autre avantage l’indemnisation du donneur:

a- pour la perte de gain et les couts directs qui lui sont occasionnés,

b- pour les dommages subis du fait du prélèvement d’organes, de tissus ou de cellules (art. 6 de la loi fédérales sur la transplantation d’organes, de tissus et de cellules) 

3- استقلالية الطاقم الطبي المعالج

أ- لم يبين المشترع اللبناني أية قاعدة تضمن استقلال الجهاز الطبي الذي يقوم بعملية الاستئصال والزرع.

ب- بعض القوانين العربية أوردت بعض النصوص التي تكرس مفهوم الاستقلالية، اذ نصت المادة الخامسة من القانون الكويتي على ضرورة التحقق من الوفاة، بوساطة لجنة تتشكل من ثلاثة أطباء اختصاصيين من بينهم طبيب اختصاصي في الأمراض العصبية، على ألا يكون من بين أعضاء اللجنة الطبيب المنفذ للعملية. وفي السياق ذاته، اشترطت المادة الثامنة من القانون الأردني أن يكون الطبيب الذي يقرر الوفاة غير الطبيب الاختصاصي الذي يقوم بعملية النقل.

ج- القانون السويسري أتى الأكثر وضوحا ً بين القوانين الأوروبية في تكريس مبدأ استقلالية الجهاز الطبي المعالج، حين أكد على أن الطبيب الذي تثبت من وفاة الواهب، لا يحق له المشاركة في عملية الاستئصال أو الزرع، ولا حتى تلقي أية توجيهات من الطبيب المتخصص الذي يشترك في أعمال الزرع والاستئصال.

كما حظر على الطبيب والطاقم الطبي الذي يقوم بعملية الاستئصال والزرع أن يضع تحت الضغط، الأشخاص الذين يعالجون المريض في حياته الأخيرة، أو الذين يتثبتون من وفاته، وحظر عليهم أيضا ً أن يحاولوا التأثير في أي  من هؤلاء، بأي شكل من الأشكال ، وفيما يلي النص الحرفي للمادة /11/ من القانون السويسري:

Le médecin qui constate le décès d’une personne ne peut :

a- participer ni au prélèvement, ni à la transplantation d’organes, de tissues ou de cellules,
b- recevoir de directives d’un médecin spécialisé qui participe à ces actes médicaux.

Les médecins qui prélèvent ou transplantent des organes, des tissus ou des cellules, de même que le personnel médical qui participe à des tels actes, ne doivent pas mettre sous pression ni chercher à influencer d’une quelconque autre façon les personnes qui soignent le patient en fin de vie ou qui constatent son décès.

القانون الفرنسي كرس أيضا ً مبدأ الاستقلالية في المادة 4-1222 / من قانون الصحة العامة التي جاء فيها ما حرفيته:

Les médecins qui établissent le constat de la mort, d’une part, et ceux qui effectuent le prélèvement ou la greffe, d’autre part, doivent faire partie d’unités fonctionnelles ou de services distincts. 

4- تحظير الدعاية الشخصية

لم ينظم المرسوم الاشتراعي رقم 109/83 ولا المرسوم 1442/84 الذي أتى تطبيقا ً له، عملية الاعلان عن وهب الأعضاء والأنسجة.

القانون الفرنسي وضع الاطار القانوني الذي يجب أن تتم في سياقه عملية الاعلان عن وهب الأعضاء، اذ حظر الاعلان الموجه بالتبرع لصالح أشخاص محددين أو مؤسسات أو مراكز محددة، وعهد بمسؤولية الاعلان الى وزير الصحة بالتعاون مع وزير التربية الوطنية وفيما يلي نص المادة 3-  1211 / التي نظمت هذه المسألة:

La publicité en faveur d’un don d’éléments ou de produits du corps humain au profit d’une personne déterminé ou au profit d’un établissement ou organisme déterminé est interdite. Cette interdiction ne fait pas obstacle à l’information du public en faveur du don d’éléments et produits du corps humain.

Cette information est réalisée sous la responsabilité du ministre chargé de la santé en collaboration avec le ministre chargé de l’éducation nationale.

Les médecins s’assurent que leurs patients âgés de seize à vingt-cinq ans sont informés des modalités de consentement au don d’organes à fins de greffe, et à défaut, leur délivrent individuellement cette information dès que possible.

5- رضى الواهب الحر والنير Libre et eclairé

احتاط المشترع اللبناني بشكل عام لهذه المسألة: اذ فرض على الطبيب المعالج تنبيه الواهب الى نتائج عملية الاستئصال وأخطارها ومحاذيرها، وأن يتأكد من فهم هذا الأخير هذه النتائج والمحاذير (المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 109/1983)، كما فرض أن يكون الواهب بالغا ً من العمر ثمانية عشر عاما ً مكتملة، وأن يوافق خطيا ً، وبملء حريته، على عملية الاستئصال (المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي ذاته) وأن تتم الموافقة بحضور شاهد (المادة 20 من قانون الآداب الطبية).

هذه التدابير، ولئن كانت كفيلة بتأمين حد أدنى من الوعي والحرية لدى الواهب عندما يوافق على اجراء عملية الاستئصال، الا أنها في رأينا، ليست كافية تماما ً، وقد يتم الالتفاف عليها عبر ضغط يمارس على الواهب من قبل الطبيب أو سواه من الأشخاص.

ولهذا السبب كان القانون الفرنسي متشددا ً في مسألة التأكد من صحة الرضى، عندما فرض الاعلان عن الرضى أمام رئيس الغرفة الابتدائية الكبرى tribunal de grande instance، أو أمام القاضي المسمى من قبله، واستثناء ً، وفي حالات العجلة الحيوية، أمام مدعي عام الجمهورية، وعندما أعطى الواهب حق النكول عن الرضى في أي وقت شاء ومن دون مراعاة أية قواعد شكلية. والنص الحرفي للفقرة الثالثة من المادة 123-1 التي لحظت هذه الأمور ورد كالآتي:

Le donneur, préalablement informé par le comité d’experts mentionné à l’article 1231-3 des risques qu’il encourt et des conséquences éventuelles du prélèvement, doit exprimer son consentement devant le président du tribunal de grande instance ou le magistrat désigné par lui, qui s’assure au préalable que le consentement est libre et éclairé et que le don est conforme aux conditions prévues aux première et deuxièmes alinéas. En cas d’urgence vitale, le consentement est recueilli, par tout moyen par le procureur de la République, le consentement est révocable sans forme et à tout moment.

كما ذهب المشترع الفرنسي أبعد من ذلك، عندما أنشأ السجل الوطني الآلي لرفض الاستئصال registere national automatisé des refus de prélèvement الذي يتيح للأشخاص التعبير صراحة وخطيا ً عن رفضهم الخضوع لعملية استئصال عضو أو خلية أو نسيج أو خواص من جسدهم بعد وفاتهم، وذلك تفاديا ً لمخاطر استنباط رضى مفترض منسوب لهم.

القانون الكويتي قدم اضافة على أحكام القانون اللبناني من ناحيتين: عندما فرض لا يقل عمر الواهب عن واحد وعشرين سنة، وعندما فرض أن يوقع على الموافقة الخطية شاهدان كاملا الأهلية، وأن تعتمد الموافقة من رئيس قسم زراعة الأعضاء أو من ينوب عنه (المادة الثانية من القرار الوزاري رقم /46/ لسنة 1989). 

6- مبدأ التوزيع العادل

المشترع اللبناني أغفل تنظيم مسألة بالغة الأهمية، وهي مسألة معايير منح الأعضاء. هذه المسألة لا تطرح أصلا ً عندما يهب شخص ما على حياته عضوا ً أو نسيجا ً، أو خلية لشخص محدد، أو عندما يوصي بعضو أو نسيج أو خلية لشخص محدد.

اذ في هاتين الحالتين يتعين احترام ارادة الواهب على حياته والموصي بعد وفاته:

ان طرح المسألة يصبح مبررا ً، اذا لم يسم الواهب أو الموصي الشخص المستفيد من الهبة أو الوصية. كيف تمنح في هذه الحالة الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا؟

مما لا شك فيه، أن عملية المنح يجب أن تستلهم قاعدة الانصاف La règle de l’équité، وهذا ما بينه المشترع الفرنسي في مادة مستقلة هي المادة 11-1231 / وقد جاء فيها:

Les règles de répartition et d’attribution des greffons doivent respecter le principe d’équité.

وتحقيق الانصاف في عملية التوزيع يستوجب اعتماد معايير واضحة في التوزيع، واقرار قاعدة عدم التمييز non-discrimination بين اللبنانيين أنفسهم وبين اللبنانيين والأجانب من جهة أخرى.

القانون السويسري كان سباقا ً في هذا السياق، اذ أورد قاعدة عدم التمييز في نص خاص، هو المادة /16/ التي جاء فيها:

1- Lors de l’attribution d’un organe, nul ne doit subir de discrimination.
2- Lors de l’attribution des organes, les étrangers doivent être traités sur un pied d’égalité avec les Suisses. L’attribution d’un organe à un étranger non domicilié en Suisse ne peut être refusée que si une transplantation n’est pas absolument nécessaire à sa survie.

كما أورد المشترع السويسري ثلاثة معايير يتم الارتكاز عليها لمنح العضو أو النسيج أو الخلية لشخص دون آخر، وهي التالية:

- الضرورة الطبية الملحة.

- فعالية عملية الزرع من الناحية الطبية.

- مهلة الانتظار.

هذه المعايير تم تعدادها في المادة 17 التي جاء نصها كالآتي:

Seuls les critères suivants peuvent être pris en considération pour l’attribution:

A- L’urgence médicale de la transplantation.
B- L’efficacité de la transplantation du point de vue médical.
C- Le délai d’attente.
D- Lors de l’attribution, en veillera à ce que les patients qui, en raison de leurs caractéristiques physiologiques, doivent compter avec un très long délai d’attente, aient la même probabilité de recevoir un organe que ceux qui ne présentent pas ces caractéristiques.

اضافة الى ما تقدم، أوجد المشترع السويسري المرفق الوطني لمنح الأعضاء، حيث أسند اليه مهمة تطبيق المعايير المذكورة أعلاه، وذلك انطلاقا ً من مهام حددت في المواد 18و19 و20 و21 من القانون المذكور.

ونورد فيما يلي النص الحرفي للمواد المذكورة نظرا ً الى هميتها:

Art 18:

1- La confédération crée un service national des attributions.

2- Le service national des attributions :

a- tient une liste des personnes en attente d’une transplantation d’organe (liste d’attente),

b- attribue les organes disponibles aux receveurs après consultation des centres de la transplantation,

c- organise et coordonne au niveau national toutes les activités relatives aux attributions,

d- collabore avec les organisations étrangères compétentes pour les attributions.

3- Le service national des attributions établit un dossier pour chaque décision et le conserve durant dix ans.

4- Le conseil fédéral règle la production applicable aux attributions.

Art 19 :

Le médecin traitant doit communiquer dans les meilleurs délais à un centre de transplantation le nom du patient pour lequel une transplantation est indiquée du point de vue médical, le consentement écrit de cette personne étant requis. La communication doit également avoir lieu si le patient subit une thérapie de remplacement.

Art 20 :

1- Le centres de transplantation, désignent les personnes qui seront inscrites sur la liste d’attente et celles qui en seront radiées. Leurs décisions ne peuvent se fonder que sur des raisons médicales. L’art 16 al. Est applicable par analogie.

2- Ils communiquent leurs décisions avec les données nécessaires au service national des attributions.

3- Le conseil fédéral décrit précisément :
a- les raisons médicale selon d’al.1.
b- les données nécessaires selon l’al. 2.

Art 21 :
1- Les hôpitaux et les centres de transplantation communiquent au service national des attributions, avec les données nécessaires, les noms de toutes les personnes qui se prêtent à un prélèvement d’organe. Le conseil fédéral décrit précisément les données nécessaires.

2- La même obligation incombe au médecin traitant lorsque le donneur ne désigne pas nommément un receveur.

المشترع اللبناني لم يغفل فقط قواعد أساسية ضامنة لنزاهة الزرع وانما أهمل أيضا ً التطرق الى الزرع التنظيمية 

2- اهمال جوانب الزرع التنظيمية

هناك نقص فادح في التشريع اللبناني طاول العديد من جوانب الزرع التنظيمية فالمشترع اللبناني لم يحدد نطاق الزرع بشكل كاف، كما أنه لم يضع قواعد تنظيمية تفرض وجود تجهيزات طبية محددة وكوادر طبية متخصصة في عملية الزرع، فضلا ً عن نواقص في التنظيم العقابي وعن غياب البنية الادارية المتمثلة، بنوع خاص، بمؤسسة متخصصة وبسجلات رسمية توثق فيها عمليات هبة الأعضاء.

سوف نتحدث تباعا ً عن الجوانب المذكورة. 

1- نواقص في تنظيم نطاق الزرع

أ- المرسوم الاشتراعي رقم 83/109 أشار بمصطلح عام، الى امكانية زراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، وهو لم يحدد ما هو المقصود بالعضو البشري أو بالنسيج البشري،كما لم يورد لائحة بالأعضاء أو الأنسجة الجائز زرعها، اذ تكلم تفصيلا ً على زراعة الكلى في المرسوم رقم 1442/84، وعرضيا ً عن عملية التلقيح الاصطناعي أو الحمل بوساطة تقنيات الخصوبة المساعدة، وذلك في المادة /30/ من قانون الآداب الطبية.

ب- التشريعات الأجنبية أتت أكثر دقة من التشريع اللبناني على أكثر من صعيد:

القانون الفيدرالي السويسرس أضاف الى مجال الزرع، عدا عن الأعضاء والأنسجة، زرع الخلايا، وزع المنتوجات المصنعة، انطلاقا ً من الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا ذات المصدر البشري أو الحيواني، وقد سمى النوع الأخير من الزرع، الزرع النمطي transplants standardisés وقد اعتمد في المادة الثالثة منه التعريفات التالية:

فقد عرف الأعضاء على الشكل الآتي:

Toutes les parties du corps dont les cellules et les tissus forment un tout ont une fonction particulière. Sont assimilées aux organes, les parties d’organes dont la fonction équivaut à celle d’un organe et celles composées de différents tissus qui ont une fonction particulière.

"كل أعضاء الجسد التي تشكل خلاياها وأنسجتها كلا ً متكاملا ً له وظيفة خاصة. وتنزل منزلة الأعضاء أجزاء الأعضاء التي توازي وظيفتها وظيفة العضو، وتلك المؤلفة من مجموعة أنسجة لها وظيفة خاصة".

كما عرف الأنسجة على الشكل الآتي:

Des associations cellulaires structurées composées, soit de cellules semblables, soit de cellules différentes ayant une fonction commune dans l’organisme.

"ائتلاف خلايا بنيوية مؤلف اما من خلايا متجانسة واما من خلايا غير متجانسة لها وظيفة مشتركة في الجهاز."

- أما الخلايا القابلة للزرع فقد حددها كما يلي:

Les cellules individuelles, les agglomérations de cellules non structurées et les suspensions de cellules composées uniquement de cellules semblables.

"الخلايا الفردية، تجمعات الخلايا غير البنيوية وتعليقات الخلايا المؤلفة من خلايا متجانسة".

أما  الزرع النمطي فقد حدد على الشكل الاتي:

Les produits fabriqués à partir d’organes, de tissus ou de cellules d’origine humaine ou animale, qui peuvent être standardisés ou dont le processus de fabrication peut être standardisé.

المنتجات المصنعة انطلاقا ً من الأعضاء والأنسجة أو الخلايا ذات المصدر البشري أو الحيواني، التي يمكن تنميطها، أو التي يمكن تنميط مسار تصنيعها ".

أما المشترع الفرنسي فقد تحدث من جهة أولى، عن استئصال وزراعة الأعضاء ومن جهة ثانية عن استئصال وزراعة الأنسجة والخلايا ومنتجات الجسم البشري.

والمهم في هذا السياق الاشارة الى أن المشترع المذكور أعد لائحة بالأنسجة المسموح زرعها لغرض علاجي (المادة 1-1241 / من قانون الصحة العامة)، وعن شروط استئصال الأنسجة والخلايا الجنينية tissus ou cellules embryonnaires ou foetaux، وعن شروط وهب واستعمال الخلية الجنسية الأصلية don et utilization de gametes 

2- غياب التنظيم الطبي: التجهيزات والكوادر الطبية المتخصصة اللازمة لعملية الزرع

لم يتضمن القانون اللبناني تعليمات تفصيلية ملزمة بخصوص التجهيزات والكوادر الطبية التي تباشر عملية الاستئصال والزرع، بالنسبة الى كل عضو أو نسيج أو خلية على حدة وانما اكتفى المرسوم التطبيقي رقم 1442/ 84 بايراد تعليمات تفصيلية بزراعة الكلى دون سواها  من الأعضاء، وهذا بالطبع غير كاف.

المشترع الأردني تصدى لهذا الموضوع فأصدر في العام /1999/ التعليمات رقم /4346/ التي اشترطت أن تكون المستشفيات التي تحصل  فيها عملية الاستئصال والزرع، مجهزة بمعدات وغرفة عمليات وفق ما هو متعارف عليه عالميا ً ، وغرفة انعاش و ICU وغرفة لعزل المريض المزروع له، تتوفر فيها كافة المستلزمات، وثلاجة لحفظ الدم ومشتقاته (المادة الأولى)، كما اشترط وجود كوادر طبية متخصصة بحسب العضو المنقول، وعرض تفصيلا ً لطاقم هذه الكوادر بالنسبة الى كل من عملية زرع الكلية وزرع القرنية وزرع القلب وزرع الرئتين وزرع النخاع العظمي وزرع الكبد والبنكرياس (المادة الثانية). 

3- غياب التنظيم الاداري

وهو يتجلى من ناحية  أولى بعدم ايجاد مؤسسة عامة متخصصة بوهب الأعضاء، ومن ناحية ثانية ، بعدم انشاء سجلات رسمية توثق عمليات وهب الأعضاء. 

3.1- عدم انشاء مؤسسة عامة متخصصة 

لم ينشىء القانون اللبناني مؤسسة عامة تعنى بالاشراف على هبة الأعضاء وزعها، هذا مع العلم أن تشريعات عديدة في العالم سبقتنا الى هذا الأمر.

أ- فالقانون الفيدرالي السويسري أنشأ، كما أسلفنا ، المؤسسة الوطنية لمنح الأعضاء ، وقد عرضنا فيما سبق لمهام هذه المؤسسة.

ب- القانون الفرنسي بدوره أنشأ وكالة الطب البيولوجي Agence de la biomédecine، وهي مؤسسة عامة ادارية وضعت تحت وصاية وزير الصحة، وهي مختصة في مجال الزرع والتناسل وعلم الأجنة embryologie ، وعلم الوراثة البشرية génétique humaine، وقد خصها المشترع المذكور بمهام محددة ورد تعدادها في المادة 1418-1  من قانون الصحة العامة.

ج- المشترع الكويتي أنشأ مركزا ً خاصا ً لزراعة الأعضاء، سماه "مركز حامد العيسى لزراعة الأعضاء ". وفي العام /2002/ أصدر وزير الصحة الكويتي القرار الوزاري رقم /114/ الذي نص في مادته الأولى على أنه "يشكل فريق من منسقي زرع الأعضاء بمركز حامد العيسى لزراعة الأعضاء، برئاسة شخص مختص في نظم استئصال الأعضاء وزراعتها، ويقوم رئيس القسم بترشيح أعضاء هذا الفريق، ويناط بهذا الفريق القيام بالتنظيم والمساهمة في الحصول على الأعضاء البشرية من الوفيات، وكذلك الاطلاع على سجلات أقسام العناية المركزة للتأكد من التبليغ عن جميع حالات الوفاة الدماغية".

كما نص في مادته الثانية على أنه "يعين في كل مستشفى أحد الأطباء كمنسق لزراعة الأعضاء، بالاضافة الى عمله المعتاد، وذلك للتبليغ عن حالات الوفاة الدماغية، ويكون تعيينه بالتنسيق مع مركز حامد العيسى لزراعة الأعضاء".

كما نص في المادة الثانية عشرة منه على أنه "تبلغ أرقام هواتف منسق زراعة الأعضاء على مختلف الأقسام والأجنحة وخاصة أقسام الطوارىء والعناية المركزة، على أن توضع في مكان ظاهر وبارز في هذه الأقسام". 

3. 2- عدم انشاء سجلات رسمية 

أغفل المشترع اللبناني انشاء سجلات رسمية بخصوص وهب الأعضاء وذلك لما هو سائد في العديد من تشريعات العالم.

في الكويت مثلا ً، أصدر وزير الصحة العامة القرار الوزاري رقم 45/1989 الذي نص في مادته الأولى على أنه ينشأ بقسم زراعة الأعضاء بوزارة الصحة العامة السجلات الآتية:

1- سجل المتبرعين بالأعضاء: ويقيد به الأشخاص الذين يتبرعون بأعضائهم ويتضمن السجل البيانات التالية:

أ- رقم متسلسل.

ب- بيانات عن المتبرع تشمل الاسم والسن والجنسية والديانة والمهنة والعنوان ورقم وتاريخ الجنسية أو جواز السفر أو الهوية المدنية.

ج- تاريخ التبرع.

د-ملاحظات: ويدون بها أية بيانات أخرى تتعلق بالمتبرع.

2- سجل الموصى بالأعضاء: ويقيد به الأشخاص الذين يوصون بالكلى، ويتضمن البيانات التالية:

أ- رقم متسلسل.

ب- بيانات عن المرضى تشمل الاسم و السن و الجنسية و الديانة و المهنة و العنوان و رقم و تاريخ الجنسية أو جواز السفر أو الهوية المدنية.
ج- تاريخ الوصية
د- ملاحظات: و يدون بها أية بيانات أخرى تتعلق بالوصية.

3- سجل حالات نقل الأعضاء من المتوفين: و يقيد به حالات موافقة وزير الصحة العامة على الاستئصال و يشتمل السجل على البيانات التالية:
أ- رقم متسلسل.
ب- بيانات عن المتوفى وتشمل الاسم، وتاريخ الوفاة، السن، الجنسية، الديانة، مكان الوفاة، العنوان.

ج- اسم المتوفى الذي وافق على الاستئصال وسنه وجنسيته.
د- صلة القرابة ورقم الهوية.
ه- عنوان القريب.

و- ملاحظات: ويدون بها أية بيانات عن المتوفى أو القريب.

في فرنسا، أنشأ المشرع الفرنسي السجل الوطني الآلي لرفض التبرع بالأعضاء، وهذا السجل وجد خصيصا ً لاعلام الغير بأن الشخص يرفض التصرف بأعضائه بعد وفاته (المواد 14. 1232 r حتى  ٌ 1232-5 r).

4- نواقص التنظيم العقابي

المشترع اللبناني اكتفى بايراد مادة يتيمة حول النتائج الجزائية المترتبة على الاخلال بأحكام المرسوم الاشتراعي رقم /109/83 وهي المادة /7/ من المرسوم الاشتراعي المذكور التي نصت على ما يلي:

"كل من يقدم على أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية من دون مراعاة الشروط المذكورة في هذا المرسوم الاشتراعي يتعرض لعقوبة الحبس من شهر حتى سنة ولغرامة من ألف حتى عشرة  آلاف ليرة لبنانية أو باحدى هاتين العقوبتين".

بالطبع ان هذه المادة غير كافية لضبط مختلف أنواع الانتهاكات التي يمكن أن تحصل بمعرض وهب الأعضاء، وعلى هذا الأساس جاءت التشريعات الأجنبية أكثر دقة في مجال التنظيم العقابي.

القانون الفيدرالي السويسري على سبيل المثال، قسم الجرائم الجزائية في مجال زراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا وخواص الجسم البشري الى جنح ومخالفات وتعد أفعال جنحية الأفعال الآتية:

- منح أو تلقي منفعة مالية أو أية منفعة أخرى لقاء هبة الأعضاء والأنسجة والخلايا ذات المصدر البشري.

- تجارة الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا البشرية في سويسرا أو في الخارج انطلاقا ً من سويسرا.

- استئصال أو زرع أعضاء أو خلايا لقاء منفعة مالية أو أية منفعة أخرى.

- استئصال أعضاء أو خلايا أو أنسجة من شخص ميت في غياب أي رضى بهذا الخصوص.

- مخالفة الاملاءات أو القواعد ذات الصلة بالتدابير الطبية التمهيدية.

- استئصال أعضاء أو خلايا أو أنسجة والتسبب بفعل الاستئصال بخطر جدي يمس حياة أو صحة الواهب.

- استئصال أعضاء أو خلايا أو  أنسجة من شخص حي قاصر أو عديم الأهلية وذلك خلافا ً للشروط المفروضة قانونا ً.

- منح الأعضاء من دون التقيد بالمعايير المفروضة قانونا ً، أو تفويت فرصة الحصول على الأعضاء لبعض الأشخاص، وذلك أثناء منح الأعضاء أو أثناء قيدهم على لائحة الانتظار.

- انتهاك الاملاءات أو القواعد المتصلة بواجبات التبصر، وتعريض صحة الأشخاص للخطر، عبر الانتهاك الحاصل.

- تعريض الأشخاص للخطر عبر اللجوء الى تجارب عيادية مخالفة لمقتضيات القانون.

- وقف الحمل بتاريخ معين وطريقة محددة، وذلك بهدف اجراء عملية زرع لاحقة  لأنسجة وخلايا مأخوذة من الجنين.

- الحفظ بصورة اصطناعية لحياة الأجنة ذات المصدر البشري الخالص وذلك بهدف استئصال أنسجة وخلايا منها ليصار الى زرعها لاحقا ً.

- زرع أنسجة وخلايا ناتجة من الجنين في جسد شخص مسمى من قبل الواهبة.

- استئصال أنسجة أو خلايا من جسد امرأة عديمة الأهلية بغية استعمالها في مجال الزرع.

- انتهاك القواعد المتصلة بموجب اعلام الواهبة وكيفية أخذ رضاها.

وبالمقابل اعتبر القانون السويسري من قبيل المخالفات الأفعال الأساسية التالية:

- انتهاك القواعد التي ترعى زراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا بغية التوصل الى نتائج غير متصلة بمجال الزرع.

- انتهاك القواعد المتصلة باستغلال الجهاز الطبي المنفذ لعملية الاستئصال والزرع.

- استئصال  أعضاء أو أنسجة أو خلايا من جسد انسان حي في حين أن المستفيد من الزرع كان بالامكان معالجته بأسلوب طبي آخر له فعالية موازية.

- انتهاك موجبي الاعلان والابلاغ عن الهبة.

- قبول أعضاء مستوردة من الخارج من دون الحصول على ترخيص.

- القيام بأعمال خاضعة للترخيص، من دون أن تكون الرخصة بحوزة الفاعل أو من دون أن يستوفي الفاعل الشروط والأعباء المتصلة بمنح الترخيص.

- انتهاك موجب السرية.

- انتهاك موجب التعاون.

خاتمة

عندما يقدم شخص، بارادته الحرة والواعية، على منح أحد أعضائه أو أحد خلاياه أو أحد أنسجته للغير من دون مقابل، يكون قد رسم على صفحة الحياة صورة انسانية فريدة، تتجلى معانيها في شخص الواهب وفي شخص الموهوب له.

فالواهب الحي لا يعطي شيئا ً من عناصر ذمته المالية للغير من دون مقابل، وانما يقتطع من ذاته عضوا ً أو نسيجا ً أو خلية، ليغرس من دون أي مقابل في جسد الغير، وفي هذا تجسيد  لأسمى أنواع التفاني.

أما الواهب الميت، فانه بارادته الحرة والواعية، يحول موته المحقق الى فعل حياة للآخرين، وفي هذا تجسيد لأسمى وأبهى صور العطاء.

وأما الموهوب له، فان ينهض، بفعل الواهب، من محنة عسيرة كادت أن تسلبه حياته. ليخوض مجددا ً معترك الحياة، ولكن هذه المرة بجسد جديد اشترك أخوه الانسان في ترميمه، بعد أن عانى من تصدع كاد أن يؤدي الى فنائه، وفي هذا تجسيد معبر لأسمى أنواع التعاضد بين البشر.

لذا على المشترع اللبناني أن يسعى الى تحصين هذه الصورة الانسانية الرائعة، عبر ايجاد تشريع متكامل، يليق بفعل الواهب، وبشعور الموهوب له، ويردع كل من تسول له نفسه العبث بهذه الصورة.